للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولأن تمكين العاقد من فعله المحرم إعانة له على ذلك الباطل، والإعانة على الحرام تجعله شريكًا له في الفعل.

قال تعالى: {وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المائدة:٢].

الحالة الثانية: إذا لم يذكر الباعث على العقد في صيغة العقد، ولكن علم البائع، أو غلب على ظنه من القرائن، وظروف الحال، أن المشتري يريد بالعنب عصره خمرًا، كما لو كان المشتري للعنب شخصًا يتجر بالخمور، فهل يصح البيع والحالة هذه.

هذه المسألة إن كان الأمر من قبيل الشك، والاحتمال فلا يحرم البيع.

قال ابن قدامة: «إنما يحرم البيع ويبطل إذا علم البائع قصد المشتري ذلك، إما بقوله، وإما بقرائن مختصة به تدل على ذلك، فأما إذا كان الأمر محتملًا، مثل أن يشتريها من لا يعلم حاله، أو من يعمل الخل والخمر معًا، ولم يلفظ بما يدل على إرادة الخمر، فالبيع جائز» (١).

وإن كان البائع علم قصد المشتري إما بقرائن خاصة، أو بأخبار صحيحة، أو غلبة ظن (٢)، ففي هذه المسألة خلاف بين الفقهاء:


(١) المغني (٤/ ١٥٥).
(٢) جاء في الفروع (٤/ ٤٢) «ولا يصح بيع ما قصد به الحرام، كعصير لمتخذه خمرًا قطعًا نقل الجماعة: إذا علم. وقيل: أو ظنا، واختاره شيخنا». يعني ابن تيمية.
الظن فيما تعذر فيه اليقين يقوم مقامه في الأحكام من عبادات، ومعاملات، ولذلك نأخذ بالظن في السهو في الصلاة، وفي غيره كالرمي، والطواف، بل إن الظن يطلق أحيانًا ويراد به العلم، قال تعالى: {إِنِّي ظَنَنتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَه} [الحاقة:٢٠] وقال سبحانه: {وظنوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه} [التوبة:١١٨].

<<  <  ج: ص:  >  >>