للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التبرع لم يرجع.

وهذا كما أنها أحكام الرب تعالى في العقود، فهي أحكامه تعالى في العبادات، والمثوبات، والعقوبات; فقد اطردت سنته بذلك في شرعه، وقدره أما العبادات فتأثير النيات في صحتها وفسادها أظهر من أن يحتاج إلى ذكره; فإن القربات كلها مبناها على النيات ولا يكون الفعل عبادة إلا بالنية، والقصد ولهذا لو وقع في الماء ولم ينو الغسل أو دخل الحمام للتنظيف أو سبح للتبرد لم يكن غسله قربة ولا عبادة بالاتفاق فإنه لم ينو العبادة فلم تحصل له وإنما لامرئ ما نوى ولو أمسك عن المفطرات عادةً واشتغالًا، ولم ينو القربة لم يكن صائمًا ولو دار حول البيت يلتمس شيئًا سقط منه لم يكن طائفًا ولو أعطى الفقير هبة، أو هدية، ولم ينو الزكاة لم يحسب زكاة ولو جلس في المسجد ولم ينو الاعتكاف لم يحصل له. وهذا كما أنه ثابت في الإجزاء والامتثال فهو ثابت في الثواب والعقاب; ولهذا لو جامع أجنبية يظنها زوجته، أو أمته لم يأثم بذلك، وقد يثاب بنيته ولو جامع في ظلمة من يظنها أجنبية، فبانت زوجته، أو أمته أثم على ذلك بقصده، ونيته للحرام ولو أكل طعاما حرامًا يظنه حلالًا لم يأثم به ولو أكله، وهو حلال يظنه حرامًا، وقد أقدم عليه أثم بنيته ... » (١).

وجاء في القواعد لابن رجب: «تعتبر الأسباب في عقود التمليكات، كما تعتبر في الأيمان، ويتخرج على هذا مسائل متعددة .... » ذكر منها:

هبة المرأة زوجها صداقها إذا سألها ذلك، فإن سببها طلب استدامة النكاح، فإن طلقها فلها الرجوع فيها، نص عليه أحمد في رواية عبد الله ....

ومنها ما نص عليه أحمد في رواية ابن ماهان فيمن اشترى لحمًا، ثم استزاده


(١) إعلام الموقعين (٣/ ٨٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>