قال الذهبي في ميزان الاعتدال (٦٩٤٩): «وأما الترمذي فروى من حديثه: الصلح جائز بين المسلمين، وصححه، فلهذا لا يعتمد العلماء على تصحيح الترمذي». وقال ابن الملقن كما في خلاصة البدر المنير (٢/ ٨٧): «رواه الترمذي، وقال: حسن صحيح، وفي هذا نظر، فكثير أجمعوا على ضعفه، حتى قال الشافعي فيه: إنه ركن من أركان الكذب، قال ابن القطان: وعبد الله بن عمرو والده مجهول الحال».
وله شاهد من حديث أبي هريرة، وسنده أمثل من هذا، ومداره على كثير بن زيد، عن الوليد ابن رباح، عن أبي هريرة. ويرويه عن كثير جماعة، وقد اتفقوا في متنه على حرف (الصلح جائز بين المسلمين) وزاد بعضهم على بعض فيما سوى هذا الحرف: فأخرجه ابن الجارود في المنتقى (٦٣٨) من طريق سفيان بن حمزة. والدارقطني (٣/ ٢٧) والبيهقي (٦/ ٦٣) من طريق عبد العزيز بن أبي حازم. والحاكم (٤/ ١٠١) من طريق عبد العزيز بن محمد، ثلاثتهم عن كثير بن زيد به، بلفظ: الصلح جائز بين المسلمين. ورواه سليمان بن بلال، عن كثير، واختلف على سليمان في لفظه. فقد أخرجه أحمد (٢/ ٣٦٦) والبيهقي (٦/ ٦٤ - ٦٥) عن الخزاعي (منصور بن سلمة)، عن سليمان بن بلال، عن كثير بن زيد، عن الوليد بن رباح، عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: الصلح جائز بين المسلمين. وأخرجه أبو داود (٣٥٩٤)، والدارقطني (٣/ ٢٧)، والحاكم (٢/ ٤٩) من طريق ابن وهب، عن سليمان بن بلال به. وزاد في آخره: وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: المسلمون على شروطهم. وأخرجه أبو داود (٣٥٩٤)، ومن طريقه البيهقي (٦/ ٦٥)، من طريق مروان بن محمد، عن سليمان بن بلال أو عبد العزيز بن محمد بالشك، عن كثير به، بلفظ: الصلح جائز بين المسلمين إلا صلحًا أحل حرامًا، أو حرم حلالًا. وأخرجه ابن حبان (٥٠٩١) بالمتن نفسه من طريق مروان بن محمد، عن سليمان بن بلال، حدثني كثير بن زيد به، بدون شك، وبدون ذكر عبد العزيز بن محمد. وأرى أن اللفظ المتفق عليه بين الرواة جميعًا: هو لفظ: الصلح جائز بين المسلمين، وما زاده بعضهم على بعض فلا يثبت منه شيء، والله أعلم. على أن كثير بن زيد ليس بالقوي. قال فيه أبو زرعة: صدوق فيه لين. الجرح والتعديل (٧/ ١٥٠). وقال أبو حاتم: صالح، ليس بالقوي، يكتب حديثه. المرجع السابق. وقال فيه المقدسي في الأحاديث المختارة (١٠٦٣): تكلم فيه بعضهم، ومدحه بعضهم. وذكره البخاري وسكت عليه، فلم يذكر فيه شيئًا. التاريخ الكبير (٧/ ٢١٦). وذكره ابن حبان في الثقات (٧/ ٣٥٤). وقال الحاكم في المستدرك: وأما الشيخان فلم يخرجا عن كثير بن زيد، وهو شيخ من أهل المدينة، من أسلم، كنيته أبو محمد، لا أعرفه بجرح في الرواية، وإنما تركاه لقلة حديثه. ورأى ابن حزم أن كثير بن عبد الله هو كثير بن زيد، كما في المحلى (٨/ ١٦٢) وقد وهم رحمه الله في هذا، فكثير بن زيد غير كثير بن عبد الله، وبالغ ابن حزم رحمه الله حين قال في المحلى (٨/ ٣٥٨): «وهذا خبر مكذوب؛ لأنه إنما رواه كثير بن زيد، وهو ساقط». وقال أيضًا عن كثير (٨/ ٣٧٥): «وهو مطرح باتفاق». وانظر تعقب ابن حجر لابن حزم في تهذيب التهذيب، في ترجمة كثير بن زيد (٨/ ٣٧٠). وقال فيه النسائي: ضعيف. كتاب الضعفاء والمتروكين (٥٠٥). واختلف فيه قول يحيى بن معين. فقال في رواية أبي بكر بن أبي خيثمة: ليس بذاك القوي. الجرح والتعديل (٧/ ١٥٠). وقال مرة: ثقة. الكامل (٦/ ٦٧). وفي التقريب: صدوق يخطئ.