للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وكل هذه الطرق ليس فيها دلالة على الاشتراط.

قال ابن عبد البر: «اضطراب ألفاظ الناقلين لخبر جابر في ذلك كثير» (١).

وأجاب الطحاوي عن حديث جابر من وجهين:

الأول: أن الاستثناء حدث بعد تمام البيع، فلم يكن الاستثناء مشروطًا في عقدته.

الثاني: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أراد أن يعطيه الثمن، ولم يرد حقيقة البيع.

قال الطحاوي: «وجه هذا الحديث أن البيع إنما كان على ما كانت عليه المساومة من النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم كان الاستثناء للركوب من بعد فكان ذلك الاستثناء مفصولًا من البيع لأنه إنما كان بعده فليس في ذلك حجة تدلنا كيف حكم البيع لو كان ذلك الاستثناء مشروطًا في عقدته هل هو كذلك أم لا. وأما الحجة الأخرى فإن جابرًا رضي الله عنه قال: لما قدمت المدينة، أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - بالبعير فقلت: هذا بعيرك يا رسول الله. قال: لعلك ترى أني إنما ماكستك لأذهب ببعيرك يا بلال أعطه أوقية وخذ بعيرك فهما لك.

فدل ذلك أن ذلك القول الأول لم يكن على التبايع. فلو ثبت أن الاشتراط للركوب كان في أصله بعد ثبوت هذه العلة لم يكن في هذا الحديث حجة؛ لأن المشترط فيه ذلك الشرط لم يكن بيعًا؛ ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يكن ملك البعير على جابر فكان اشتراط جابر للركوب اشتراطًا فيما هو له مالك. فليس في هذا دليل على حكم ذلك الشرط لو وقع في بيع يوجب الملك للمشتري، كيف كان حكمه.» (٢).


(١) التمهيد (٢٢/ ١٨٦).
(٢) شرح معاني الآثار (٤/ ٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>