للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والخنزير، فهو مال غير متقوم بالنسبة للمسلم، وأما في حق الذمي، فهي مال متقوم؛ لأنه لا يعتقد حرمتها، ويتمولها (١).

فإذا أتلف مسلم خمرًا فإن كانت لذمي ضمنها المتلف، وإن كانت لمسلم لم يضمنها؛ لأنها ليست متقومة في حق المسلم (٢).

يقول ابن عابدين في حاشيته:

«المال أعم من المتقوم (٣)؛ لأن المال ما يمكن ادخاره، ولو غير مباح كالخمر والمتقوم ما يمكن ادخاره مع الإباحة فالخمر مال لا متقوم ... » (٤).

وقال أيضًا: «فما يباح بلا تمول لا يكون مالًا كحبة حنطة، وما يتمول بلا إباحة انتفاع لا يكون متقومًا كالخمر، وإذا عدم الأمران لم يثبت واحد منهما كالدم .. » (٥).

والراجح ما ذهب إليه الجمهور، وكيف يقال عن الخمر بأنه مال، والحنفية يعرفون المال بأنه ما يمكن تموله، وهل يمكننا تمول الخمر والخنزير، ويعرفون المال بأنه ما خلق لمصالح الآدمي، ويمكن ادخاره وقت الحاجة، ولا أعرف مصلحة في الخمر بعد تحريمها وقد أمرنا باجتنابها، وهو أبلغ من النهي عن شربها، في قوله تعالى: {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [المائدة ٩٠] فالاجتناب: أن أكون في جانب، والخمرة


(١) بدائع الصنائع (٤/ ١٣٧ - ١٣٨)، العناية شرح الهداية (٦/ ٤٠٥ - ٤٠٦)،
(٢) بدائع الصنائع (٥/ ١١٣).
(٣) في المطبوع (المتمول) وهو خطأ.
(٤) حاشية ابن عابدين (٤/ ٥٠١).
(٥) المرجع السابق، الصفحة نفسها.

<<  <  ج: ص:  >  >>