فقال صلى الله عليه وسلم: لا ضرر ولا ضرار، وهو حديث حسن بشواهده، واعتبر بعض الفقهاء أن هذا الحديث نصف الفقه، لأن الأحكام إما لجلب مصلحة، أو لدفع مضرة (١).
ومن أجل دفع الضرر شرع الشارع أمورًا ومنع من أخرى من باب الوقاية من الوقوع في الضرر، ورفعه، أو تخفيفه إذا وقع، وقطع كل ما يؤدي إلى العداوة والبغضاء.
ففي ميدان الحقوق الخاصة جعل الشارع حرمة المال كحرمة النفس والعرض: إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام.
وشرع الرد بالعيب لإزالة الضرر الواقع على المشتري.
وشرع جميع أنواع الخيارات لإزالة الأضرار الواقعة على أحد المتعاقدين، كخيار المجلس، والعيب، والغبن، والتدليس.
وشرع الحجر بسائر أنواعه منعًا للضرر الحاصل من سوء التصرف، أو الضرر اللاحق للدائنين.
وشرع الشفعة لدفع ضرر الشريك.
وحرم التبذير والإسراف كما حرم التقتير والشح.
وهذه أمثلة لما شرعه الشارع في سبيل منع الضرر ودفعه وتخفيفه، وهي أمثلة تدل على غيرها.
وأما ما منعه الشارع في سبيل الوقاية من الوقوع في الضرر.
فيدخل فيه كل ما يضر الإنسان نفسه: سواء كان الضرر في دينه كبيع وشراء