ولي نقاش لفضيلته حول نقطتين: النقطة الأولى: أنه خلص إلى أن التعويض يجب أن يكون بمقدار الضرر، ويحتج بقوله: لأن الشرط الجزائي: هو اتفاق على التعويض. وهذا استدلال بمحل النزاع، فمن سَلَّم لفضيلته بأن الشرط الجزائي هو اتفاق على التعويض. فإن للآخر أن يقول: بل هو شرط استحقاقي معلق على التأخير. النقطة الثانية: احتجاجه بأن الشرط الجزائي تعويض على الضرر بقوله: «هذا محل اتفاق بين جميع القوانين». وهذا أولًا ليس بحجة، وثانيًا: لو سلم أن الغرض من الشرط الجزائي التعويض فإنه لا يسلم له بأن القضاء له حق أن يتدخل في إثبات الضرر، أو في زيادة الشرط الجزائي، أو النقص منه، لأنهما لما اتفقا على ذلك قطع المتعاقدان السبيل إلى تدخل القضاء في إثبات الضرر، أو في تقديره، ورضيا بدفع هذا المبلغ بمجرد حصول سببه، وهو التأخير.
جاء في مجلة مجمع الفقه الإسلامي (١٢/ ٢/ص: ٢٤١): «القانون الفرنسي ينص صراحة على ذلك بالفصل (١١٥٢) مدني: (إذا ذكر في الاتفاق أن الطرف الذي يقصر في تنفيذه يدفع مبلغًا معينًا من المال على سبيل التعويض، فلا نقصان أو زيادة). علق القاضي: محمود شمام على هذا بقوله: «وهذا يدل صراحة على أن القاضي لا يتدخل لمعاينة الضرر وجودًا أو عدمًا، وإن وجد فلا يطالب بإثباته وتقديره، وليس من حقه أن يعدل ما حصل الاتفاق عليه. يقول فقيه القانون عبد الرزاق السنهوري: وذلك حتى يكون الغرض من الشرط الجزائي منع أي جدل يدور حول وقوع الضرر، ومقدار التعويض. (التعليق آخر الصفحة (٢/ ٨٥٧) الوسيط). وقد كان القانون المصري القديم يتمشى مع ذلك إذ ينص (إذا كان المقدار معينًا في العقد فلا يجوز الحكم بأقل أو أكثر منه). إلا أن التقنين الجديد سمح للقاضي بمعاينة الضرر، وتقديره، ومن ثم مَكَّنه من التعديل، فقد خصت المادة (٢٢٤) مدني: (لا يكون التعويض الاتفاقي مستحقًا إذا أثبت المدين أن الدائن لم يلحقه ضرر، ويجوز للقاضي أن يخفض هذا التعويض إذا أثبت المدين أن التقدير كان مبالغًا فيه، أو أن الالتزام قد نفذ في جزء منه». اهـ ما نقلته من مجلة مجمع الفقه الإسلامي. وإذا كانت المسألة خلافية بين أهل القانون لم يمنع المجتهد أن يجتهد في اختيار أقرب القولين للحق.