للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مواضعه إن شاء الله، ولأن الحاجة تدعو إليه، فلم يفسد العقد، فإن شرط عتق العبد المبيع، لم يفسد العقد؛ لأن عائشة رضي الله عنها اشترت بريرة لتعتقها ...... فإن شرط ما سوى ذلك من الشروط التي تنافي مقتضى البيع، بأن باع عبدًا بشرط ألا يبيعه، أو لا يعتقه، أو باع دارًا بشرط أن يسكنها مدة، أو ثوبًا بشرط أن يخيطه له، أو نعلة بشرط أن يحذوها له، بطل البيع، لما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه نهى عن بيع وشرط ... » (١).

ولا يختلف مذهب الحنفية عن مذهب الشافعية في بطلان الشرط في البيع؛ لأنهم يذهبون مع الشافعية إلى اعتماد ما يروى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من النهي عن بيع وشرط، إلا أن الحنفية يختلفون عن الشافعية في تقديم الشرط الذي جرى به العرف، وكان عليه عمل الناس، ويقدمونه على القياس، فإذا جرى العرف على اعتبار الشرط الجزائي في العقود، وجرى التعامل به بين الناس أمكن للمذهب الحنفي أن يتسع لقبول القول بالشرط الجزائي استحسانًا وإن كان على خلاف القياس عندهم. وهذه مرونة في المذهب يختلف فيها عن المذهب الشافعي.

فقد ذكر الكاساني أن الشرط الذي لا يقتضيه العقد، وليس بملائم له، ولكن للناس فيه تعامل، وفيه عرف ظاهر أن هذا الشرط فاسد بالقياس عندهم، ولكنهم يقولون بجوازه استحسانًا؛ لأن العرف يقضي على القياس، ويسقط القياس بتعامل الناس كما سقط في الاستصناع (٢).

ولو أن مذهب الحنفية جعلوا عمل الصحابة يسقط القياس لكان هذا جيدًا، أما عمل الناس من غير الصحابة فليس بحجة، وقد يتعامل الناس بما يخالف نصًا شرعيًا، أيكون ذلك حجة على أحد.


(١) المهذب (١/ ٢٦٨).
(٢) انظر بدائع الصنائع (٥/ ١٦٩ ـ ١٧٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>