للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مجمع الفقه الإسلامي (١).

ويظهر أن هذا القول وسط بين قولين: الأول: يرى أن الموجب له حق الرجوع مطلقًا. والثاني: يرى أن الموجب لا يحق له الرجوع، والقول الثالث: قول وسط: وهو إذا حدد ميعادًا للقبول فإنه يبقى ملتزمًا هذه المدة بعدم العدول عن إيجابه.

ويرى أصحاب القول الثالث: أن القول بكون الإيجاب غير ملزم مطلقًا يؤدي إلى حرمان المعاملات وعلى الأخص التجارية منها من عامل الاستقرار التي لا غنى عنه؛ لأن التاجر الذي يوجه إليه إيجاب يوازن عادة بينه وبين إيجاب مماثل يوجه إليه من الغير، فقد يفوته أحدهما على أهميته بناء على وجود إيجاب آخر أفضل منه، فإذا لم نلزم الموجب بالبقاء على إيجابه مدة ما أصبنا الموجب له بضرر فادح، وأشعنا الفوضى في المعاملات.

لكن عند التأمل أرى أن هذا القول الوسط ليس قولًا، وإنما هو عمل بالشرط بين المتبايعين، فكل من ألزم نفسه شرطًا لا يخالف الشرع، ولا ينافي مقتضى العقد، وله فيه مصلحة، فيجب الوفاء به (٢).


(١) انظر قرار رقم (٥٤/ ٣/٦) ومجلة مجمع الفقه الإسلامي (٦/ ٢/ص: ١٢٦٨).
(٢) وقد أخذ بهذا القانون المدني الأردني فقد نصت المادة (٩٨) منه على أنه: «إذا عين ميعاد للقبول التزم الموجب بالبقاء على إيجابه إلى أن ينقضي هذا الميعاد».
ويتبين من هذا النص أن الموجب إذا حدد ميعادًا للقبول أو ظهر من الظروف أنه يقصد إعطاء ميعاد معقول لذلك، بقي ملتزمًا هذه المدة بعدم العدول عن إيجابه، وأن الإيجاب غير الملزم هو الذي خلا من تحديد هذه المدة، وكان التعاقد بين حاضرين، وانظر نظرية العقد للسنهوري (١/ ٢٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>