للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا يوافق مذهب الشافعية.

يقول السيوطي: «الصريح: اللفظ الموضوع لمعنى لا يفهم منه غيره عند الإطلاق، ويقابله الكناية» (١).

ولذلك لا يعتبرون اللفظ صريحًا إذا لم يرد في الشرع استعماله، وإن شاع استعماله في العرف.

يقول الزركشي: «وأما ما لم يرد في الكتاب والسنة، ولكن شاع في العرف كقوله لزوجته: أنت علي حرام، فإنه لم يرد شرعًا الطلاق به، وشاع في العرف إرادته، فوجهان، والأصح التحاقه بالكناية» (٢).

المعنى الثاني: الصريح بمعنى البين الواضح، ومنه قوله: صرح فلان بالقول: إذا بينه وقصد الإخبار عنه.

فيكون معنى اللفظ الصريح في البيع: ما يفهم منه لفظ البيع مما يستعمل فيه كثيرًا وإن استعمل في غيره، مثل جعلته لك، وخذه، وتسلمه (٣)، وهو لك، والله يربحك فيه؛ لأن هذه الألفاظ وإن استعملت في البيع وغيره إلا أنه قد كثر استعمالها في البيع وعرفت به، فصارت بينة واضحة في بابها، كالغائط الذي وضع للمطمئن من الأرض، ثم استعمل على وجه المجاز في إتيان قضاء الحاجة، فكان فيه أبين وأشهر منه فيما وضع له، وكذلك في مسألتنا مثله (٤).


(١) الأشباه والنظائر للسيوطي (ص: ٢٩٣).
(٢) المنثور في القواعد (٢/ ٣٠٦ - ٣٠٧).
(٣) انظر إعانة الطالبين (٣/ ٣).
(٤) ويقول الباجي في المنتقى (٧/ ٦): «الصريح في كلام العرب على وجهين:
أحدهما: أن يريد بالصريح الخالص، الذي يستعمل في الطلاق دون غيره، أو وضع له دون غيره، ولذلك روي في الحديث: (هذا صريح الإيمان) أي خالصه.

والوجه الثاني: أن يريد بالصريح البين، من قولهم: صرح فلان بالقول: إذا بينه، وقصد الإخبار عنه، فإذا قلنا: إن معنى الصريح الخالص: فمعنى قولنا: صريح الطلاق: أن هذا لفظ وضع لهذا المعنى دون غيره أو يستعمل فيه دون غيره، فإن الصريح لفظ الطلاق خاصة؛ لأنه موضوع له دون غيره، ويكون معنى كنايات الطلاق: ما وضع له أو لغيره أو يستعمل في هذا المعنى وفي غيره، كلفظ سرحتك وفارقتك وخليتك .... فإن قلنا: إن معنى الصريح البين، فإن الصريح من الطلاق: ما يفهم منه لفظ الطلاق مما يستعمل فيه كثيرًا كفارقتك وسرحتك وخليتك وبنت منك وأنت حرام؛ لأن هذه الألفاظ وإن استعملت في الطلاق وغيره إلا أنه قد كثر استعمالها في الطلاق وعرفت به، فصارت بينة واضحة في إيقاع الطلاق، كالغائط الذي وضع للمطمئن من الأرض، ثم استعمل على وجه المجاز في إتيان قضاء الحاجة، فكان فيه أبين وأشهر منه فيما وضع له، وكذلك في مسألتنا مثله».

<<  <  ج: ص:  >  >>