للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا التعريف نفس تعريف القرافي.

هذا هو التعريف الاصطلاحي للصريح والكناية، وبيان الخلاف بين الجمهور والشافعية.

وكما قسم الفقهاء التعبير إلى صريح وكناية، قسم فقهاء القانون التعبير عن الإرادة إلى صريح، وضمني، أو مباشر وغير مباشر (١).


(١) وفي تعريف الصريح والضمني قولان:
الأول: يرى أن الفرق بين التعبير الصريح والضمني يرجع إلى استعمال الأسلوب المألوف وغير المألوف.
فالتعبير يكون صريحًا إذا كان أسلوب الإفصاح عن الإرادة من قول أو كتابة، أو إشارة، أو نحو ذلك من الأساليب الموضوعة للكشف عن هذه الإرادة حسب المألوف بين الناس.
أو يقال: التعبير الصريح: هو التعبير الذي لم يقصد به إلا غرض واحد، هو الإفصاح عن الإرادة.

ويكون التعبير ضمنيًا إذا لم يكن أسلوب الإفصاح من بين الأساليب التي ألف الناس استعمالها للكشف عن الإرادة، ولكن لا يمكن تفسيره إلا بافتراض وجود هذه الإرادة، مثل ذلك أن يتصرف شخص في شيء ليس له، ولكن عرض عليه أن يشتريه، فذلك دليل على أنه قبل الشراء، إذ يتصرف تصرف الملاك، وكالدائن يسلم سند الدين للمدين، فهذا دليل على أنه أراد انقضاء الدين، ما لم يثبت عكس ذلك.
أو يقال: التعبير الضمني: هو التعبير الذي يقصد به غرض آخر غير الكشف عن الإرادة، ولكنه يؤدي إلى الإفصاح عن الإرادة.
والقول الثاني: يرى أن التعبير الصريح: هو التعبير المباشر، والضمني: هو التعبير غير المباشر.
فالتعبير المباشر: هو سواء كان قولًا أو كتابة أو إشارة هو الذي يقصد به إيصال العلم بالإرادة مباشرة إلى من توجه إليه هذه الإرادة.
وغير المباشر: هو الذي لا يراد به إيصال العلم بالإرادة مباشرة، بل يستدل به بطريق غير مباشر على وجود هذه الإرادة. انظر نظرية العقد - السنهوري (١/ ١٥٢ - ١٥٤)، مصادر الالتزام في القانون الأردني. الدكتور أنور سلطان (ص: ٤٧).
وإذا عرفنا هذا التقسيم لدى القانونيين، فإن القانون لا يشترط طريقًا خاصًا للتعبير عن الإرادة:
يقول السنهوري: «لا يشترط القانون في الأصل طريقًا خاصًا في التعبير عن الإرادة، فأي مظهر من مظاهر التعبير صريحًا كان أو ضمنيًا، مباشرًا كان أو غير مباشر يصح». انظر نظرية العقد (١/ ١٥٠).
وفي القانون الأردني: «التعبير عن الإرادة يكون باللفظ، وبالكتابة، وبالإشارة المعهودة عرفًا، ولو من غير الأخرس، وبالمبادلة الفعلية الدالة على التراضي، وباتخاذ أي مسلك آخر لا تدع ظروف الحال شكًا في دلالته على التراضي». انظر المادة (٩٣) مدني.
فالأصل في القانون أنه يجوز أن يكون التعبير عن الإرادة ضمنيًا إلا في حالتين:
الأولى: أن ينص القانون أو القضاء على أن يكون التعبير صريحًا في بعض الحالات، ويراد من ذلك تنبيه العاقد قبل التعاقد إلى وجه الخطر فيما هو مقدم عليه، فلا يبرم الأمر إلا بعد التروي، وإلا بعد أن تصدر منه إرادة صريحة.
الثاني: أن يتفق الطرفان على أن يكون التعبير صريحًا، كما لو اتفق المؤجر مع المستأجر على أنه لا يجوز لهذا الأخير إحداث تغيير في العين المؤجرة إلا بإذن صريح من المؤجر. انظر نظرية العقد (١/ ١٥١)، مصادر الالتزام في القانون المدني الأردني (ص: ٤٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>