للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التراضي، والصلح بمعنى البيع خلافًا للشافعية والذي يعتبر مذهبهم أضيق المذاهب في هذه المسألة.

الثاني: أدخل الحنفية العقود اللازمة ولو من جانب واحد كالرهن، فأثبتوا الخيار للراهن لأن العقد في حقه لازم بخلاف المرتهن؛ لأن العقد في حقه جائز، وهذا خلاف للجمهور.

الثالث: اتفق الأئمة على عدم ثبوت الخيار في عقد الصرف، واختلفوا في عقد السلم، فمنعه الجمهور خلافًا للمالكية حيث أجازوا الخيار فيه في مدة يسيرة اليومين والثلاثة بشرط عدم نقد الثمن، والصواب مع الجمهور، ويدخل في الصرف بيع ما يعتبر القبض شرطًا في صحته كبيع المال الربوي بمثله.

الرابع: انفرد المالكية في أنه لا يجوز اشتراط نقد الثمن في بيع الخيار خلافًا للجمهور (١)؛

لأن اشتراط النقد يجعل الثمن مترددًا بين السلفية إذا لم يتم البيع، والثمنية إذا تم البيع، وهو ممنوع للغرر بعدم معرفة ما يؤول إليه الحال، وإذا حصل النقد تطوعًا من غير شرط جاز لضعف التهمة في تردد الثمن بين السلفية والثمنية (٢).


(١) جاء في البيان للعمراني (٥/ ٣٥): «لا يكره نقد الثمن في خيار المجلس، ولا في خيار الشرط، وبه قال أبو حنيفة، وقال مالك: يكره؛ لأنه يصير في معنى بيع وسلف؛ ولأنه إذا نقده الثمن، ثم تفاسخا، صار كأنه أقرضه، فيجتمع بيع وقرض».

وقال في كشاف القناع (٣/ ٢١٠): «ولا بأس بنقد الثمن، وقبض المبيع في مدة الخيار، سواء كان خيار مجلس أو شرط ... ».
(٢) يفرق المالكية بين النقد في بيع الخيار، فلا يجوز شرط النقد فيها، ويجوز النقد تطوعًا، وبين النقد في بيع الشيء الغائب على الخيار وكذا النقد في كراء الشيء بشرط الخيار، أو النقد في عقد السلم على الخيار فلا يجوز النقد في هذه الأشياء الثلاثة مطلقًا بشرط أو بدونه.
ووجه الفرق:
أن النقد في بيع الخيار: هو التردد بين السلفية والثمنية، وهي إنما تؤثر مع اشتراط النقد، والعلة في منع النقد في بيع الغائب والكراء، وعقد السلم: هو فسخ ما في الذمة في مؤخر، وهو من فسخ الدين في الدين وهذا ممنوع.

<<  <  ج: ص:  >  >>