للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي حاشية ابن عابدين: «الصريح ما غلب في العرف استعماله» (١).

ويقول القرافي: «إذا جاءك رجل من غير أهل إقليمك يستفتيك، لا تجره على عرف بلدك، واسأله عن عرف بلده، وأَجره عليه، وأفته به، دون عرف بلدك، والمقرر في كتبك، فهذا هو الحق الواضح، والجمود على المنقولات أبدًا ضلال في الدين، وجهل بمقاصد علماء المسلمين، والسلف الماضين، وعلى هذه القاعدة تتخرج أيمان الطلاق والعتاق، وصيغ الصرائح والكنايات، فقد يصير الصريح كناية يفتقر إلى نية، وقد يصير الكناية صريحًا مستغنيا عن النية» (٢).

ويقول في موضع آخر: «ثم الكناية تنقسم إلى ما غلب استعماله في العرف في الطلاق، فيلحق بالصريح في استغنائه عن النية ... لقيام الوضع العرفي مقام الوضع اللغوي» (٣).

ويقول ابن القيم رحمه الله: «فكون اللفظ صريحًا أو كناية أمر يختلف باختلاف عرف المتكلم، والمخاطب، والزمان، والمكان، فكم من لفظ صريح عند قوم، وليس بصريح عند آخرين، وفي مكان دون مكان، وزمان دون زمان، فلا يلزم من كونه صريحًا في خطاب الشارع أن يكون صريحًا عند كل متكلم، وهذا ظاهر» (٤).

بينما الشافعية يرون أن مأخذ الصريح ورود الشرع، ولذلك مر علينا قول الزركشي: «وأما ما لم يرد في الكتاب والسنة، ولكن شاع في العرف كقوله لزوجته: أنت علي حرام، فإنه لم يرد شرعًا الطلاق به، وشاع في العرف إرادته، فوجهان، والأصح التحاقه بالكناية» (٥).


(١) حاشية ابن عابدين (٣/ ٢٥٢).
(٢) الفروق (١/ ١٧٦ - ١٧٧).
(٣) ا لمرجع السابق (٣/ ١٥٦).
(٤) إعلام الموقعين (٢/ ٢٤).
(٥) المنثور في القواعد (٢/ ٣٠٦ - ٣٠٧)، يمكن أن نقول: إن مذهب الشافعية في الصريح والكناية يمكن أن يقسم إلى قسمين:
الأول: ما ورد في الشرع استعماله من ألفاظ العقود والفسوخ وما جرى مجراهما، فهو من الألفاظ الصريحة؛ لأن عرف الشرع هو المتبع.
الثاني: ما لم يرد في الكتاب والسنة.
فإن شاع على ألسنة حملة الشرع، وكان هو المقصود من العقد، كلفظ التمليك في البيع، ولفظ الفسخ في الخلع، فالأصح عندهم أنه من الصريح.
وإن شاع في العرف فقط، كقول الرجل لزوجته: أنت علي حرام، ويقصد به الطلاق، فالأصح عندهم التحاقه بالكناية، هذا هو ملخص مذهب الشافعية. انظر المنثور في القواعد (٢/ ٣٠٦ - ٣٠٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>