للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتارة يكون المبيع الغائب متعلقًا بشيء معين، فلا يقال له بأنه سلم، ولكن يقال له: غائب، وهذا الغائب: إما أن يكون قد شاهده البائع، ولم يمض على الرؤية وقت يخشى عليه من التغير، فهذا غير مقصود في هذا الباب.

وإما أن يكون المبيع المعين موصوفًا لم يره المشتري، وإنما وصف له، وهذا هو المقصود في هذا البحث.

ومن هنا يتبين علاقة هذا الخيار بالخلاف في بيع السلعة المعينة الغائبة التي لم يسبق لها رؤية، فالقول بخيار الرؤية إيجابًا ونفيًا مرتبط كل الارتباط بجواز بيع الغائب المعين صحة وفسادًا.

فالذين منعوا بيع الشيء المعين إذا كان غائبًا لا يثبتون خيار الرؤية، والذين أجازوه لم يمنعوا من ثبوت هذا الخيار كما سيأتي بيانه إن شاء الله تعالى.

والمراد بالرؤية في قولنا: خيار الرؤية، العلم بالمبيع، فإذا حصل له العلم بالمبيع سواء كان ذلك عن طريق الرؤية مما يدرك بالرؤية، أو كان ذلك عن طريق الحواس مما يدرك بالحواس، كالشم، واللمس، والذوق وإن لم يره بعينه، فإذا حصل له العلم بالمبيع بأحد حواسه لم يثبت له خيار عند رؤيته (١)، وقد تكلمنا فيما سبق في شراء الأعمى، ورجحنا صحة شرائه، لكونه قد يحصل له العلم بالمبيع بدون رؤية.

كما أن الغائب يشمل ما كان غائبًا عن مجلس العقد، أو حاضرًا فيه لكنه مستور.


(١) البحر الرائق (٦/ ٢٨)، الدر المختار (٤/ ٦٠٠)، وجاء في مجلة الأحكام الشرعية، مادة (٣٣١): الأعمى يسقط خياره بلمس الأشياء التي تعرف باللمس، وشم المشمومات، وذوق المذوقات، يعني: أنه إذا لمس، وشم، وذاق هذه الأشياء، ثم اشتراها، كان شراؤه صحيحًا لازمًا».

<<  <  ج: ص:  >  >>