للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إيجابًا، والتزامه يسمى قبولًا. وهو مذهب المالكية (١)، واختيار ابن تيمية (٢).

وهو الصواب الموافق للغة، وأما قصر الجمهور الإيجاب والقبول على الصيغة القولية فهو تخصيص عرفي من لدن هؤلاء الفقهاء، وليس تخصيصًا شرعيًا، يقول الكاساني في بدائع الصنائع: «أما القول، فهو المسمى بالإيجاب والقبول في عرف الفقهاء .. » (٣).

وجاء في النكت على المحرر:

«قال الشيخ تقي الدين (ابن تيمية): عبارة أصحابنا وغيرهم تقتضي أن المعاطاة ونحوها ليست من الإيجاب والقبول، وهذا تخصيص عرفي، فالصواب الاصطلاح الموافق للغة وكلام المتقدمين: أن لفظ الإيجاب والقبول يشتمل على صور العقد قولية أو فعلية» (٤).


(١) يقول الباجي في المنتقى (٤/ ١٥٧): «وكل لفظ أو إشارة فهم منه الإيجاب والقبول لزم به البيع، وسائر العقود ... ».
(٢) الإنصاف (٤/ ٢٦٤)، النكت على المحرر (١/ ٢٦٠).
(٣) بدائع الصنائع (٥/ ١٣٣).
(٤) النكت والفوائد السنية على مشكل المحرر (١/ ٢٦٠).
وقد وافقت القوانين رأي المالكية وابن تيمية، ففي القانون الأردني مثلًا أشارت المادة ٩٤/ ١ مدني أردني بقولها: «يعتبر عرض البضائع مع بيان ثمنها إيجابًا».
ونصت المادة ١٨٠/ ٢ موجبات لبناني على أنه: «ويعد سكوت مشتري البضائع بعد استلامها قبولًا للشروط المعنية في بيان الحساب (الفاتورة).
«إذا بقي المستأجر في العين المؤجرة بعد انتهاء مدة الإيجار، قد يكون في هذا إيجاب ضمني منه بتجديد العقد، فإذا سكت المؤجر اعتبر سكوته قبولًا لهذا الإيجاب، وتجدد عقد الإيجار «(م/٣٨٦/ ٤٧١/١٧٥٩ و ١٧٧٦) من القانون المصري انظر نظرية العقد - السنهوري (١/ ١٥٩).
وفي الكتاب نفسه (١/ ١٥٤ - ١٥٥): «والإيجاب الصريح كما يكون بالكلام والكتابة والإشارة على النحو الذي تقدم، يكون كذلك باتخاذ موقف يفهم منه الإيجاب صراحة، فعرض التاجر لبضائعه على الجمهور مع بيان أثمانها يعتبر إيجابًا صريحًا».
فهذا النص صريح بأن الكلام والكتابة والإشارة والفعل كله يطلق عليه إيجاب، فهو ليس مختص بالصيغة اللفظية.
ويقول السنهوري في الكتاب نفسه (١/ ١٥٦): «وقد يكون القبول صريحًا، كالتاجر الذي يقبل طلبًا من عميل له، فيرسل إليه ما يطلبه، ويكون هذا الإرسال قبولًا صريحًا .. ».

<<  <  ج: ص:  >  >>