للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإما لدفع ضرر واقع، كخيار العيب، والتدليس، والنجش وتلقي الركبان، والشفعة ونحوهما، فإن الإنسان بطبيعته البشرية - كما أخبر الله عنه- ظلوم جهول، فقد يتعرض أحد العاقدين من الآخر للغش والتدليس أو غيرهما من أنواع الظلم، فجعل الشرع للعاقد الذي وقع تحت تأثير الغش والتدليس أن يدفع عنه هذا الضرر بثبوت الخيار له في هذه الحالة، فيفسخ العقد، ويتحلل من لزوم العقد، فكان ثبوت الخيار من محاسن التشريع التي لا بد منها لدفع الضرر، والله أعلم.

فالغاية من مشروعية الخيار يرجع إلى سببين: إما التروي وجلب المصلحة، وإما تكملة النقص ودرء الضرر؛ لأن الخيار إما أن يكون من جهة العاقد، أو من جهة المعقود عليه.

فإن كان الخيار من جهة العاقد: فهو خيار التروي: ويقال له: خيار النظر والتفكر في الأمر والتبصر في إمضاء البيع أو رده، وله سببان: أحدهما: المجلس. والثاني: الشرط، وهذا القسم هو الذي ينصرف إليه بيع الخيار عند إطلاقه في عرف الفقهاء.

وإن كان من جهة المعقود عليه فهو خيار النقيصة: وهو ما موجبه ظهور عيب أو استحقاق، فيثبت بفوات أمر مظنون، نشأ الظن فيه من التزام شرعي، أو قضاء عرفي، أو تغرير فعلي. أو ظهور استحقاق في المبيع كتمه البائع (١).

[م-٦٤٧] فمثلًا خيار المجلس: يرى الشافعية (٢)، والحنابلة (٣)، والظاهرية


(١) انظر مواهب الجليل (٤/ ٤٠٩)، منح الجليل (٥/ ١١٢).
(٢) روضة الطالبين (٣/ ٩٦)، شرح النووي على صحيح مسلم (١٠/ ١٧٣).
(٣) المبدع (٤/ ٦٣)، مسائل أحمد رواية صالح (٢/ ٢٥٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>