(٢) واستثنى المالكية ثلاثة أشياء، تعتبر الإقالة فيها ليست بيعًا، وهي:
الأول: الإقالة في الطعام قبل قبضه، فإن الإقالة فيه لا تعتبر بيعًا، لأنها لو كانت بيعًا لأدى ذلك إلى بيع الطعام قبل قبضه، وهذا ممتنع، وإذا كانت فسخًا فلا بد من توفر شروط الفسخ، بأن تكون الإقالة بالثمن الذي وقع عليه البيع من غير زيادة ولا نقصان، ولا تغيير، ولا بد أن تشمل الإقالة جميع الطعام، فلا تجوز الإقالة في جزء منه دون جزء، ولا بد من رد الثمن وقت الإقالة دون تأخير إن كان البائع قد قبضه، وأن تكون الإقالة بلفظها، وليس بلفظ البيع. انظر المدونة (٤/ ٧٦)، الشرح الكبير (٣/ ١٥٤)، حاشية الدسوقي (٣/ ١٥٧)، شرح الزرقاني للموطأ (٣/ ٣٧٣)، التاج والإكليل (٤/ ٤٨٥)، التمهيد (١٦/ ٣٤٢) الثاني: الإقالة فيما يتعلق بالشفعة. فإن الإقالة هنا تعتبر بحكم الملغاة، ولا يلتفت إليها، ولا يحكم عليها بأنها بيع، أو أنها فسخ، فمن باع عقارًا مشتركًا، ورجع إليه بالإقالة، وأراد شريكه الأخذ بالشفعة، فإنه يأخذه بثمن البيع الأول، وتعد الإقالة لغوًا، ولا ينظر إلى الثمن الذي وقعت به الإقالة حتى لو اختلف عن الثمن الأول. فلم يعتبروا الإقالة هنا لا بيعًا، ولا فسخًا، لأن الإقالة هنا لو كانت بيعًا لكان الشفيع بالخيار في جعل عهدته على من يشاء من العاقدين؛ لأن البائع يصير مشتريًا على القول بأنه بيع، كما إذا تعدد بيع الشقص، فإن الشفيع يأخذ بأي البيع شاء، وعهدته على من يأخذ منه، كما أنها أيضًا ليست فسخًا؛ لأنها لو كانت فسخًا لامتنع حق الأخذ بالشفعة، فعلى ذلك اعتبروا الإقالة ملغاة، ورتبوا الشفعة على البيع الذي قبلها. انظر مواهب الجليل ومعه التاج والإكليل (٤/ ٤٨٥)، الخرشي (٥/ ١٦٦)، الذخيرة (٧/ ٣٥٥). الثالث: الإقالة في بيع المرابحة، فإذا اشترى رجل سلعة بعشرة، ثم باعها مرابحة بخمسة عشر، ثم استقاله المشتري، فإذا أراد أن يبيعها برأس ماله فإنه يبيعها بالثمن الأول (العشرة)، وليس بالثمن الذي حصلت به الإقالة، بخلاف ما لو ملكها عن طريق الشراء، فإنه لا يجب عليه بيان الثمن الأول. ومثله لو كانت الإقالة بأكثر من الثمن أو أنقص لم يجب عليه البيان. انظر مواهب الجليل (٤/ ٤٨٥)، الشرح الصغير (٣/ ٢٠٩ - ٢١٠).