للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجه من قال: الإقالة فسخ في حق العاقدين فقط، بيع في حق الثالث:

لم نعتبر الإقالة بيعًا في حق المتعاقدين؛ لأنه لا يمكن إظهار معنى البيع في الفسخ في حق العاقدين للتنافي بين البيع والفسخ. وأما في حق ثالث فليس هناك منافاة، وكونه بيعًا في حق الثالث أمر ضروري؛ لئلا يفوت مقصود الشارع في بعض الصور، وذلك مثل الشفعة، فإنها تثبت في البيع، ولا تثبت في الفسخ، وإذا كانت الشفعة إنما شرعت لدفع ضرر الجوار، أو الخلطة، فإذا فرض ثبوت ذلك في عود المبيع إلى البائع، ولم يثبت حق الشفعة تخلف مقصود الشارع (١).

وجه من قال: إن الإقالة بيع مستأنف:

أن معنى البيع موجود فيها، إذ حقيقتها مبادلة مال بمال، وهو أخذ بدل، وإعطاء بدل، فكانت الإقالة بيعًا، والعبرة بالعقود بالمعاني، لا بالألفاظ والمباني، ولهذا أعطيت حكم البيع في كثير من الأحكام:

منها: اشتراط رضا المتعاقدين على الإقالة.

ومنها: قيام المبيع وقت الإقالة، فإن هلك المبيع امتنعت الإقالة.

ومنها: أن للبائع الرد بعد الإقالة بالعيب الحادث عند المشتري.

ومنها: أن الإقالة لا تجوز في المبيع المنقول قبل قبضه.

وجه من قال: الإقالة بيع إلا أن يتعذر حملها على البيع فتكون فسخًا

دليلهم على كونها بيعًا هي أدلة القول السابق، إلا أنه إذا تعذر حملها على البيع، كما لو كانت الإقالة في مبيع منقول قبل قبضه، فإنه لا يمكن حملها على


(١) انظر فتح القدير (٦/ ٤٨٩)، تبيين الحقائق (٤/ ٧١)، حاشية ابن عابدين (٥/ ١٢٧ - ١٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>