للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال النووي: «لو باع سلعة، وتقابضا، ثم تقايلا وأراد البائع بيعها قبل قبضها من المشتري فالمذهب صحته قال صاحب البيان: قال أصحابنا البغداديون: يصح بيعه قطعًا لأنه ملكها بغير عقد وقال صاحب الإبانة: هل يصح بيعها؟ فيه قولان بناء على أن الإقالة بيع أو فسخ ... » (١).

وقال السيوطي: «إذا تقايلا في عقود الربا يجب التقابض في المجلس بناء على أنها بيع، ولا يجب بناء على أنها فسخ، وهو الأصح» (٢).

وأما من رأى أنها بيع، فذهب إلى المنع فيما لا يصح بيعه قبل قبضه، حسب مذهبه في التصرف في المبيع قبل قبضه.

فمنع أبو يوسف في أحد قوليه الإقالة في المنقول قبل قبضه، بناء على اختياره في المنع من بيع المنقول قبل قبضه (٣).

ومنع المالكية من الإقالة في عقد الصرف إلا مع التقابض قبل التفرق (٤).


(١) المجموع (٩/ ٣٢٥).
(٢) الأشباه والنظائر للسيوطي (ص: ١٧٢)، وانظر أسنى المطالب (٢/ ٧٤).
(٣) بدائع الصنائع (٥/ ٣٠٧) وهذا أحد القولين عن أبي يوسف، وهناك قول عنده يرى أن الإقالة بيع إلا إذا تعذر حملها على البيع كما في الإقالة في المنقول قبل قبضه، فيعتبرها فسخًا لتعذر حملها على البيع.
(٤) جاء في المدونة (٤/ ٦٩): «أرأيت إن صارفت رجلًا، ثم لقيته بعد ذلك، فقال: أقلني من الصرف، فدفعت إليه دنانيره، وافترقنا قبل أن أقبض دراهمي قال: لا يجوز هذا عند مالك». وانظر التاج والإكليل بهامش مواهب الجليل (٤/ ٤٨٥)، حاشية الدسوقي (٣/ ١٥٥)، ومع أن المالكية اعتبروا الإقالة بيعًا مستأنفًا إلا أنهم في الإقالة من بيع الطعام إن وقعت بمثل الثمن الأول اعتبروها فسخًا، كما سبق الإشارة إليه عند تحرير مذهبهم، وهذا من المآخذ عليهم، لأنها إما أن تكون بيعًا، أو تكون فسخًا، أما اعتبارها بيعًا في حال، وفسخًا في حال فهذا من التناقض، والله أعلم. انظر منح الجليل (٥/ ٢٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>