والنكتة في هذا أن الماضي إذا سيق للإنشاء يكون من باب التوكيد على تحقق الفعل، وكون الفعل في إيجاده وتحقق وقوعه واقعًا كالماضي مستعمل في كتاب الله تعالى، قال تعالى:{ونفخ في الصور}[يس: ٥١]
فعبر عن النفخ بالصور بصيغة الماضي للتوكيد على أن ذلك واقع لا محالة.
ولذلك لا تجد في نفسك أن رجلًا لو قال لامرأته:" أنت طالق " أنه يحسن تصديقه أو تكذيبه، باعتبار الصيغة خبرية، وإنما يدرك بالضرورة أن الجملة إنشائية.
فالعرف يقتضي أن يكون الماضي تعبيرًا صريحًا عن الإنشاء وإحداث العقد.
يقول الكاساني:«هذه الصيغة وإن كانت للماضي وضعًا لكنها جعلت إيجابًا للحال في عرف أهل اللغة والشرع، والعرف قاض على الوضع»(١).
* * *
(١) بدائع الصنائع (٥/ ١٣٣)، وانظر تحفة الفقهاء (٢/ ٢٩)، شرح فتح القدير (٦/ ٢٤٩).