للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا مختلف في موضوعه عن اللفظ السابق، فاللفظ السابق في بيع ما ليس عنده، وهذا في التصرف في المبيع قبل قبضه، وإن كان عنده.

[وفي إسناده عبد الله بن عصمة لم يوثقه إمام معتبر، فالإسناد ضعيف].

ورواه عطاء بن أبي رباح، عن عبد الله بن عصمة،

عن حكيم بن حزام، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لا تبع طعامًا حتى تشتريه وتستوفيه.

رواه الشافعي، وأحمد، والنسائي، والبيهقي وغيرهم، واللفظ للنسائي.

وهذا اللفظ أخص من اللفظ السابق؛ لأن اللفظ السابق نهاه عن بيع الشيء قبل قبضه، وهنا نهاه عن بيع الطعام الذي فيه توفية حتى يستوفيه، أي حتى يكيله، ولكنه من المؤكد ليس في النهي عن بيع ما ليس عنده.

وقد توبع عبد الله بن عصمة تابعه على هذا اللفظ عبد الله بن محمد ابن صيفي، وحزام بن حكيم، لهذا أرى أن هذا هو المحفوظ في إسناده أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع الطعام حتى يستوفى، وله شواهد كثيرة بعضها في الصحيحين، وقد سبق تخريج كل هذه الطرق فأغنى عن إعادتها هنا (١).

وقد اختلف الناس في تفسير حديث: (لا تبع ما ليس عندك) إلى ثلاثة أقوال، ذكرها ابن تيمية في مواضع من كتبه، ونقله عنه موافقًا له تلميذه ابن القيم في أحد قوليه (٢)، خلاصتها:


(١) انظر تخريج هذه الأحاديث (ح ٢٣١).
(٢) نقل ابن القيم رحمه الله كلام شيخه موافقًا له في زاد المعاد (٥/ ٨١١)، وخالف الشافعي في قوله بأن حديث حكيم بن حزام في بيع الأعيان.
وقال في إعلام الموقعين (٢/ ١٩): «قول النبي - صلى الله عليه وسلم - لحكيم بن حزام: لا تبع ما ليس عندك، يحمل على معنيين:
أحدهما: أن يبيع عينًا معينة، وهي ليست عنده، بل ملك للغير، فيبيعها، ثم يسعى في تحصيلها، وتسليمها إلى المشتري.
والثاني: أن يريد بيع ما لا يقدر على تسليمه، وإن كان في الذمة، وهذا أشبه، فليس عنده حسًا، ولا معنى، فيكون قد باعه شيئًا لا يدري هل يحصل له أم لا؟ .... ».

<<  <  ج: ص:  >  >>