الأصل عدم وقوع البيع حتى نتيقن أو يغلب على الظن وقوعه، وأن الأصل بقاء ما كان على ماكان، وأن القبول لا فائدة منه إلا بعد الاطلاع عليه.
وأن القول بنظرية الإعلان سوف يتضرر البائع دون المشتري، فالمشتري يده مطلقة في الثمن، بينما البائع لا يمكنه التصرف في المبيع حتى يعلم بالرفض، وقد يتأخر وصول هذا العلم كثيرًا، ويترتب على ذلك أضرار كبيرة، فأرى أن القول باشتراط العلم بالقبول أرفق بالبائع، وأكثر رعاية لمصالحه، هو أولى بالمراعاة من المشتري؛ لأن البيع إخراج للمبيع من ملكه، فيجب أن تكون الإرادة المفروضة مطابقة لمصلحة البائع عند عدم الاتفاق، كما أن الراجح فيما لو اختلف المتبايعان في عين المبيع فالقول ما يقول رب السلعة أو يتتاركان، فراعى هنا مصلحة البائع؛ لأن في ذلك إخراجًا للمبيع من ملكه بغير رضاه، فكذلك هنا نراعي مصلحة البائع، ونقول لا بد من علمه بالقبول لينتج للعقد أثره المترتب عليه، على أن استلام القبول قرينة على الاطلاع عليه إلا أن يثبت عكسه من سفر أو مرض لم يتمكن بسببه من الاطلاع،
وإذا كانت القاعدة الشرعية أن دفع المفسدة مقدم على جلب المصلحة، فإن القول باشتراط العلم بالقبول فيه دفع للمفسدة الواقعة على البائع، بينما الأخذ بنظرية الإعلان فيه جلب مصلحة للمشتري، في الوقت الذي قد يتضرر البائع، فإن قيل: تأخير القبول قد يلحق ضررًا بالمشتري. قيل في الجواب عن ذلك الأصل عدم وقوع الشراء، والثمن غالبًا ما يكون متعلقًا في الذمة، فلا أحد يملك أن يقيد يده من التصرف، بخلاف البائع فإن القول بالاكتفاء بالقبول يكف يد البائع عن التصرف في المبيع إلى حين يعلم هل قبل أو رفض المشتري، وفي ذلك ضرر بين، وإن كنت أنصح في مثل هذه العقود أن يشترط البائع أن يكون