للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مصطفى الزرقاء رحمه الله حتى أوقفت على كلام لبرهان الدين ابن مازة ذكره في كتابه المحيط البرهاني، وفيه ما يدل على أن أبا يوسف قد رجع عن قوله إلى القول باللزوم من انعقاد العقد، وهذا نصه:

«قلنا: الروايات في لزوم الاستصناع وعدم اللزوم مختلفة» ثم ذكر الروايات، وقال: «ثم رجع أبو يوسف عن هذا، وقال: لا خيار لواحد منهما، بل يجبر الصانع على العمل، ويجبر المستصنع على القبول.

وجه ما روي عن أبي يوسف، أنه يجبر كل واحد منهما:

أما الصانع فلأنه ضمن العمل، فيجبر عليه، وأما المستصنع فلأنه لو لم يجبر على القبول يتضرر به الصانع؛ لأنه عسى لا يشتريه غيره منه أصلًا، أو لا يشتري بذلك القدر من الثمن، فيجبر على القبول دفعًا للضرر عن البائع ... » (١).

وبهذا نعرف خطأ ابن عابدين رحمه الله حين يقول: «ولكل منهما الامتناع عن العمل قبل العمل بالاتفاق» (٢).

وعليه أيضًا يمكننا أن نقول: إن مجلة الأحكام العدلية قد أخذت بهذه الرواية عن أبي يوسف، وهي تخالف ما ذكره ابن عابدين في رأي أبي يوسف، والله أعلم.

وبهذه الأجوبة عن المسائل الأربع نكون قد انتهينا - ولله الحمد والمنة - من توصيف عقد الاستصناع، واتضح لنا، هل هو عقد، أو وعد، وهل هو عقد لازم، أو غير لازم، وهل هو بيع أو إجارة، وما الفرق بينه وبين عقد السلم، وننتقل في المبحث التالي للحديث عن حكم عقد الاستصناع.

* * *


(١) المحيط البرهاني (٧/ ٣٠٠)، وانظر بدائع الصنائع (٥/ ٤)، مجلة مجمع الفقه الإسلامي (٧/ ٢/٧٤١).
(٢) حاشية ابن عابدين (٥/ ٢٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>