وهذا غاية ما يقدر عليه المقاول، وهو محتاج إلى إخراج نفسه من العهدة، فإذا أتى بما في وسعه فقد برئ، وليس في وسعه إلا ذلك، وأما القبض الذي هو التسلم، فهذا فعل صاحب العمل، فلا يكلف المقاول فعل غيره، فجُعِل تمكين صاحب العمل من القبض ورفع كافة الموانع التي تمنع من القبض قبضًا، وهو القبض الحكمي (١).
رابعًا: إذا كان العقد واردًا على العمل والعين من المقاول، فيكون العقد استصناعًا.
فهل يلزم رب العمل بتسلم العمل بعد إنجازه، هذه المسألة ترجع إلى مسألة أخرى وقع فيها خلاف بين أبي يوسف وجمهور الحنفية، هل عقد الاستصناع عقد لازم، أو عقد جائز.
فمن رأى أن عقد الاستصناع عقد جائز لم ير أن صاحب العمل يجب عليه تسلم العمل، وهذا ما عليه جمهور الحنفية.
ومن رأى أن عقد الاستصناع عقد لازم كما هو قول أبي يوسف من الحنفية، واختارته مجلة الأحكام العدلية فإنه يرى أنه يجب على رب العمل تسلم العمل، وقد بحثت هذه المسألة في عقد الاستصناع فأغنى عن ذكرها هنا.
* * *
(١) انظر البحر الرائق (٨/ ٢٦٥)، تبيين الحقائق (٦/ ٦٣)، حاشية ابن عابدين (٨/ ٤٣٤).