للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد ذكرنا أدلة كل قول في باب الشروط في البيع، فأغنى عن إعادتها هنا، ولله الحمد.

وأرى أن القول الراجح مع مذهب الحنابلة، ويختلف المقاول عن البائع فالبائع علاقته بالسلعة علاقة ملكية، وقد لا يكون خبيرًا فيها، بينما المقاول صانع يعرف أسرار صنعته، وهو خبير بما صنع، قال تعالى ولله المثل الأعلى {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} [الملك:١٤].

فإذا شرط الصانع البراءة من العيوب فلا يكون هذا الاشتراط إلا من سوء نية الصانع؛ لأنه لا يقصد بذلك إلا حماية نفسه من مسئولية الإهمال أو الخطأ أو الجهل بأصول الصنعة التي يمارسها والتي تعاقد على أساس أنه متقن لها، ويكون في ذلك ضرر على صاحب العمل.

ولأن هذا الشرط يشجع على التدليس والغش في الصناعة (١).

جاء في المنتقى: «ولو شرط الصانع أنه لا ضمان عليه ففي العتبية والموازية عن أشهب، عن مالك: لم ينفعه الشرط .... » (٢).

وجاء في الشرح الصغير: «ولو شرط الصانع نفيه: أي نفي الضمان عن نفسه، فإنه يضمن، ولا يفيده شرطه» (٣).

وعلل الدسوقي ذلك بأنه شرط مناقض لمقتضى العقد.

وإذا كان جمهور العلماء يرون أن الأجير المشترك ضامن لصنعته، فاشتراط نفي الضمان لا ينفعه.


(١) انظر بحث الشيخ مصطفى الزرقاء في الاستصناع مطبوع على الآلة الكاتبة (ص:٤٥ - ٥٥).
(٢) المنتقى للباجي (٦/ ٧١)، وانظر حاشية الدسوقي (٤/ ٢٨ - ٢٩)، منح الجليل (٧/ ٥٦).
(٣) الشرح الصغير (٤/ ٤٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>