اعتبار الشرط الجزائي في العقود، وجرى التعامل به بين الناس أمكن للمذهب الحنفي أن يتسع لقبول القول بالشرط الجزائي استحسانًا وإن كان على خلاف القياس عندهم. وهذه مرونة في المذهب يختلف فيها عن المذهب الشافعي.
فقد ذكر الكاساني أن الشرط الذي لا يقتضيه العقد، وليس بملائم له، ولكن للناس فيه تعامل، وفيه عرف ظاهر أن هذا الشرط فاسد بالقياس عندهم، ولكنهم يقولون بجوازه استحسانًا؛ لأن العرف يقضي على القياس، ويسقط القياس بتعامل الناس كما سقط في الاستصناع (١).
ولو أن مذهب الحنفية جعلوا عمل الصحابة يسقط القياس لكان هذا جيدًا، أما عمل الناس من غير الصحابة فليس بحجة، وقد يتعامل الناس بما يخالف نصًا شرعيًا، أيكون ذلك حجة على أحد؟
وأما مذهب المالكية فإن الباحث لا يستطيع أن يخرج بقاعدة من تعاملهم مع الشروط يمكنه أن يتلمس صحة هذا الشرط أو بطلانه عندهم، وهذا ما عبر عنه ابن رشد الحفيد، حيث يقول في بداية المجتهد: «وأما مالك فالشروط عنده تنقسم ثلاثة أقسام: شروط تبطل هي والبيع معًا. وشروط تجوز هي والبيع معًا. وشروط تبطل هي، ويثبت البيع. وقد يظن أن عنده قسمًا رابعًا: وهو أن من الشروط ما إن يمسك المشترط بشرطه بطل البيع، وإن تركه جاز البيع، وإعطاء فروق بَيِّنة في مذهبه بين هذه