فإذا كانت الإقالة فسخًا بشرط أن تكون بمثل الثمن، فإن الفسخ يرد على عقد المقاولة؛ لأن عقد المقاولة إن كان على صورة الأجير المشترك، فإن الإقالة ترد عليه؛ لأن الفسخ يرد على العقود الصحيحة اللازمة، وهذا منها.
وإن كان عقد المقاولة على صورة الاستصناع، فالفسخ يرد عليه:
لأنه إن قيل: إن الاستصناع نوع من عقود السلم كما هو مذهب الجمهور، فعقد السلم يقبل الإقالة، وهو مذهب الأئمة الأربعة خلافًا لابن حزم، وقد تكلمنا عن ذلك في عقد السلم، فأغنى عن إعادته.
وإن قلنا: إنه عقد قائم بذاته، كما هو مذهب الحنفية.
فإن قلنا: إنه عقد لازم، كما اختارت ذلك مجلة الأحكام العدلية، والقول الأخير لأبي يوسف فإن الإقالة ترد عليه.
وإن قلنا بالتفصيل كما هو رأي جمهور الحنفية: وأن عقد الاستصناع عقد جائز في حق المستصنع والصانع قبل تقديم المصنوع إلى الصانع، فلا ترد عليه الإقالة في هذه المرحلة.
وأما بعد تقديم المصنوع إلى الصانع فإنه عقد لازم في حق الصانع، وجائز في حق المستصنع، فالإقالة ترد في حق الصانع دون المستصنع.
وقد رجحت مذهب أبي يوسف، وهو اختيار مجمع الفقه الإسلامي، وبالتالي ترد الإقالة على عقد الاستصناع مطلقًا، قبل التصنيع وبعده، وقد ذكرت هذا التفصيل بأدلته في عقد الاستصناع، فأغنى ذلك عن تكراره هنا، والله أعلم.