مثل عقد الاستصناع، ومثل الأجير المشترك، حيث لا يستحق الأجرة إلا بعد فراغه من العمل، مع أن العمل حين العقد متعلق في ذمة الأجير مما يعني تأخير العوضين، وهو مذهب الحنفية والحنابلة وقول في مذهب الشافعية (١).
فعمل المورد عنصر جوهري في التوريد، والمتمثل في إحضار وتقديم السلعة أو الخدمة إلى المورد إليه، ومن هنا جاءت التسمية؛ وسمي عقد التوريد بهذا الاسم من باب تسمية الشيء بأبرز ما فيه.
والسلعة والعمل مقصودان في عقود التوريد وإذا دخل السلعة العمل جاز تأخير العوضين.
والعمل من البائع تارة يكون استصناعًا، والبائع يكون صانعًا. وهذا لا إشكال فيه في تأخير العوضين بناء على مذهب الحنفية.
وتارة يكون العمل ليس استصناعًا وإنما هو نقل للبضاعة من بلد إلى بلد، والقيام بشحنها إلى المستورد، ومراجعة البنك الضامن وتقديم مجموعة من المستندات إلى البنك لاستلام الثمن، وقد شرحنا هذه الخطوات في الاعتماد المستندي فأغنى عن إعادتها هنا. وكل هذا من البائع عمل مكلف ومقصود في السلعة، يخرج البيع من كونه بيعًا محضًا، ويجوز فيه تأخير العوضين، ولا يختلف هذا العمل عن عمل الصانع إلا أن عمل الصانع في المواد الخام، وعمل البائع كالأجير المشترك الذي يتعهد بإخراج البضاعة من المنتج إلى أن يقوم بشحنها إلى المستورد.
(١) البناية للعيني (٩/ ٢٨٩)، البحر الرائق (٨/ ٧)، فتح القدير (٩/ ٦٦)، الإنصاف (٦/ ٨١)، مغني المحتاج (٢/ ٣٣٤)، الكافي في فقه الإمام أحمد (٢/ ٣١١)، مطالب أولي النهى (٣/ ٦٨٨).