وما دام أن المنع من أجل سد الذريعة إلى الفساد فكلما اتخذت من الإجراءات ما يسد الفساد جاز ذلك.
قال الشيخ مصطفى الزرقاء:«إذا كانت المزايدة أو المناقصة جارية بطريق الظرف المختوم، بأن يرسل المتزاحمون معروضاتهم في الأسعار دون أن يعلم أحدهم بما قدم الآخر، ثم تفتح هذه المعروضات فإنها تعتبر بحكم إيجابات متعددة، فيصح للطرف الآخر - أي البائع في حال المزايدة والمشتري في حال المناقصة - أن يبني قبوله على ما شاء منها، فيلزم صاحبه، ولو كان ما قد قبله هو الأقل في حال المزايدة، أو الأكثر في حال المناقصة.
على أن هذا الاختيار لا يصح في المزايدات أو المناقصات التي تروجها الدوائر الرسمية من فروع الحكومة فيما تحتاج إلى بيعه وشرائه؛ لأنها لا يجوز لها أن تختار من الأسعار المعروضة إلا ما هو أوفق لمصلحة بيت المال العام، وهو السعر الأكثر في حال المزايدة، والأقل في حال المناقصة» (١).
وقال الشيخ القاضي محمد تقي العثماني: «لو أجرينا المناقصة على أساس هذا القول - يعني مذهب المالكية - جاز لصاحب المناقصة أن يقبل أي عرض شاء، سواء كان أقل أو أكثر، وربما تضطر الجهة الطالبة للمناقصة إلى قبول عرض سعر أكثر لمصالح أخرى، مثل كون صاحب العرض أتقن، أو أوثق بالنسبة لمن عرض سعرًا أقل، ولكن بما أن المناقصات تجري عمومًا من قبل الجهات الحكومية أو المؤسسات الحكومية التي تمر فيها العملية من خلال أيدي كثير من الناس فإن قبول السعر الأكثر معرض لتهمة التواطؤ والرشوة
(١) العقود المسماة في الفقه الإسلامي - عقد البيع (ص: ١٦٧).