للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثالث: أن الأجير المشترك يستحق الأجرة بالعمل، لا بتسليم النفس؛ لأنه يعمل للعامة، ولأن المعقود عليه هو العمل فلا يستحق أجرة إذا لم يعمل، وأما الأجير الخاص فيستحق الأجرة بالوقت دون العمل، فإذا سلم نفسه في الوقت، وإن لم يعمل فقد استحق الأجرة؛ لأن المعقود عليه هو منفعته.

الرابع: يضمن الأجير المشترك إذا كان التلف بسبب يرجع إلى الصنعة على الصحيح، سواء أكان متعديًا أم لم يكن، وسواء تجاوز المعتاد أو لم يتجاوز؛ لأن ما يدخل تحت عقد الإجارة هو العمل السليم، وأما العمل الفاسد فلا يدخل تحت الإجارة، وأما ما تلف بسبب لا يرجع إلى الصنعة كالحفظ ونحوه فلا يضمنه إن لم يكن منه تعد أو تفريط (١).

وأما الأجير الخاص فلا يضمن مطلقًا إلا بالتعدي والتفريط؛ لأنه أمين، ولأن المنافع مملوكة للمستأجر، فإذا أمره بالتصرف في ملكه صح، ويصير فعله منسوبًا إليه (المستأجر) كأنه فعله بنفسه، فلهذا لا يضمن، وهذا بالاتفاق. وسيأتي مزيد بحث للضمان في مباحث مستقلة إن شاء الله تعالى

الخامس: لا يجوز للأجير الخاص أن يستأجر غيره لإنجاز ما استؤجر عليه، لأن العقد وقع على منافعه نفسه، لا على عمل غيره، ويجوز للأجير المشترك إذا لم يشترط عليه العمل بنفسه أن يكلف غيره بذلك العمل.

السادس: لا بد من بيان العمل المعقود عليه في الأجير المشترك علمًا ينفي الجهالة، ويقطع النزاع، وأما الأجير الخاص فليس من شرطه أن يكون معلومًا من كل الوجوه، فيكفي أن يستأجره للبناء يومًا، أو شهرًا، أو سنة، أو نحو ذلك


(١) وسوف نخصص مبحثًا إن شاء الله تعالى عن ضمان الأجير، وإنما اقتضت الإشارة إليه هنا في باب التفريق بين الأجير الخاص والأجير المشترك.

<<  <  ج: ص:  >  >>