للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله تعالى: {وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ (٧٨) فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ وَكُنَّا فَاعِلِينَ} [الأنبياء: ٨٧، ٧٩].

فقد ذكر المفسرون أن داود حكم بقيمة المتلف، فاعتبر الغنم فوجدها بقدر القيمة، فدفعها إلى أصحاب الحرث، وأما سليمان فقضى بالضمان على أصحاب الغنم، وأن يضمنوا ذلك بالمثل، بأن يعمروا البستان حتى يعود كما كان، ولم يضيع عليهم ثماره من الإتلاف إلى حين العود، بل أعطى أصحاب البستان ماشية أولئك ليأخذوا من نمائها بقدر نماء البستان، فيستوفوا من نماء غنمهم نظير ما فاتهم من نماء حرثهم، وهذا هو العلم الذي خصه الله به، وأثنى عليه (١).

قال ابن القيم: «وما حكم به نبي الله سليمان هو الأقرب إلى العدل والقياس، وقد حكم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن على أهل الحوائط حفظها بالنهار، وأن ما أفسدت المواشي بالليل ضمان على أهلها، فصح بحكمه ضمان النفش، وصح بالنصوص السابقة والقياس الصحيح، وجوب الضمان بالمثل، وصح بنص الكتاب الثناء على سليمان بتفهيم هذا الحكم، فصح أنه الصواب، وبالله التوفيق» (٢).


(١) المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز - لابن عطية - ط دار ابن حزم في مجلد واحد ضخم (ص: ١٢٨٧)، تفسير ابن كثير (٣/ ١٨٧)، تفسير الصنعاني (٣/ ٢٧)، تفسير الثوري (ص:٢٠٢، ٢٠٣)، الدر المنثور (٥/ ٦٤٥)، تاريخ دمشق (٢٢/ ٢٣٤)، الاستذكار (٧/ ٢٠٥)، إعلام الموقعين (١/ ٣٢٤)، مصنف عبد الرزاق (١٠/ ٨٠)،
(٢) إعلام الموقعين (١/ ٣٢٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>