المكلفين ما أمكن فإن لم يمكن رفعه إلا بضرر أعظم منه بقَّاه على حاله وإن أمكن رفعه بالتزام ضرر دونه رفعه به ولما كانت الشركة منشأ الضرر في الغالب، فإن الخلطاء يكثر فيهم بغي بعضهم على بعض فشرع الله سبحانه رفع هذا الضرر بالقسمة تارة وانفراد كل من الشريكين بنصيبه وبالشفعة تارة وانفراد أحد الشريكين بالجملة إذ لم يكن على الآخر ضرر في ذلك; فإذا أراد بيع نصيبه وأخذ عوضه كان شريكه أحق به من الأجنبي وهو يصل إلى غرضه من العوض من أيهما كان; فكان الشريك أحق بدفع العوض من الأجنبي ويزول عنه ضرر الشركة ولا يتضرر البائع; لأنه يصل إلى حقه من الثمن وكان هذا من أعظم العدل، وأحسن الأحكام المطابقة للعقول والفطر ومصالح العباد. ومن هنا يعلم أن التحيل لإسقاط الشفعة مناقض لهذا المعنى الذي قصده الشارع ومضاد له» (١).
وقال ابن تيمية: «لفظ القياس لفظ مجمل، يدخل فيه القياس الصحيح والقياس الفاسد، فالقياس الصحيح هو الذي وردت به الشريعة، وهو الجمع بين المتماثلين، والفرق بين المختلفين، الأول قياس الطرد، والثاني قياس العكس، وهو من العدل الذي بعث الله به رسوله، فالقياس الصحيح مثل أن تكون العلة التي علق بها الحكم في الأصل موجودة في الفرع من غير معارض في الفرع يمنع حكمها، ومثل هذا القياس لا تأتي الشريعة بخلافه قط، وكذلك القياس بإلغاء الفارق، وهو ألا يكون بين الصورتين فرق مؤثر في الشرع فمثل هذا القياس لا تأتي الشريعة بخلافه، وحيث جاءت الشريعة باختصاص بعض الأنواع بحكم يفارق به نظائره فلا بد أن يختص ذلك بوصف يوجب اختصاصه