قال ابن بطال في شرح البخاري «لا خلاف بين العلماء أنه لا يجب على الشريك أن يعطي شريكه الشقص الذي يريد بيعه بأقل من ثمنه»(١)، وإنما حرص أبو رافع على نفع جاره؛ مستدلًا بهذا الحديث لا بحديث الشفعة؛ لأنه أحق بهذا البر من البعيد، وليس لأنه أحق بالشفعة؛ والكلام في حديث أبي رافع عن البيع والشراء، ولا علاقة له بالشفعة؛ لأنه قال: اشتر بيتي الذين هما في دارك، فقال: والله لا أشتريهما ... والشفعة هي انتزاع الملك بعد بيعه من المشتري بثمنه الذي اشتراه به، وقد حرص أبو رافع على إلزام سعد بالشراء طلبًا لنفعه، والإلزام بالشفعة لمن لا يريدها ليس مستحبًا فضلًا أن يكون واجبًا.
لكن قال المحتجون به: إذا كان جاره أولى بأن يشتري منه، فكذلك جاره أولى بأن يشفع عليه، فتكون دلالة الحديث على الشفعة من باب القياس واللزوم، وليس من باب النص.
وهذا القياس فيه نظر؛ لأن البر جنس يشمل أمورًا كثيرة، وهي من باب الإحسان غير الواجب، ومنه نفعه بالبيع والشراء بأقل من ثمن المثل، والشفعة واجبة لصاحبها وإن كره البائع والمشتري.
ويدل على أن المراد أحق بالبر والمعونة أن الحنفية الذين قالوا بالشفعة للجار لا يأخذون بظاهر هذا الحديث، فإن الحديث يقول:(الجار أحق) والاتفاق منعقد على أن الشريك أحق من الجار، وأن الجار لا يقدم على الشريك.
جاء في الفتح: «حديث أبي رافع مصروف الظاهر اتفاقًا؛ لأنه يقتضي أن يكون الجار أحق من كل أحد حتى من الشريك، والذين قالوا بشفعة الجار قدموا الشريك مطلقًا، ثم المشارك في الطريق، ثم الجار على من ليس