للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإذا لم يستمكن من الخروج بنفسه، فله أن يوكل، فإن لم يوكل مع القدرة عليه ففيه ثلاثة أوجه:

أحدها ـ وهو قول القاضي أبي حامد ـ أنه تسقط شفعته؛ لأنه ترك الطلب مع القدرة، فأشبه إذا قدر على الطلب بنفسه فترك.

والثاني ـ وهو قول أبي علي الطبري ـ أنه لا تسقط؛ لأن التوكيل إن كان بعوض لزمه غرم، وفيه ضرر. وإن كان بغير عوض احتاج إلى التزام منه، وفي تحملها مشقة، وذلك عذر فلم تسقط به الشفعة.

ومن أصحابنا من قال: إن وجد من يتطوع بالوكالة سقطت شفعته؛ لأنه ترك الطلب من غير ضرر، فإن لم يجد من يتطوع لم تسقط؛ لأنه ترك للضرر.

فإن عجز عن المبادرة، وعجز عن التوكيل، فليشهد على الطلب، فإن لم يشهد فقولان أو وجهان:

أظهرهما: أنه يبطل حقه؛ لأن السكوت مع التمكن من الإشهاد مشعر بالرضا.

والثاني: لا يبطل، وإنما الإشهاد لإثبات الطلب عند الحاجة (١).

وذهب الحنابلة إلى أن الغائب يلزمه الإشهاد إذا علم بالبيع، ولا يضره تأخير المبادرة بعد الإشهاد. وإذا علم بالبيع، وبادر بالسير إلى المشتري ولم يشهد سقطت شفعته؛ لأن السير يكون لطلب الشفعة ولغيره، وقد قدر أن يبين كون السير لطلب الشفعة بالإشهاد عليه فإذا ترك سقطت شفعته. ولا يلزمه التوكيل


(١) فتح العزيز بشرح الوجيز (١١/ ٤٩٣)، نهاية المطلب للجويني (٧/ ٣٢٣)، المهذب (١/ ٣٨٠)، الوسيط (٤/ ٩٨، ٩٩)، روضة الطالبين (٥/ ١٠٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>