«أهلية الوجوب في الإنسان لها عنصران، وهما: صلاحيته للإلزام وصلاحيته للالتزام. العنصر الأول: صلاحيته للإلزام: أي قابليته لثبوت الحقوق له، وهذا العنصر يثبت له منذ كونه جنينًا في بطن أمه بإجماع الفقهاء، ولا يستدعي وجود ذمة مقدرة في شخصه؛ لأن الحق له لا عليه. العنصر الثاني: صلاحيته للالتزام: أي قابليته لثبوت الحقوق عليه. وهذا يستدعي وجود ذمة مقدرة في شخصه، وهذا لا يثبت له إلا بعد ولادته حيًا. فالجنين قبل ولادته يصلح للإلزام، وبعد ولادته تكتمل أهلية الوجوب لديه، فيكون صالحًا للإلزام والالتزام. فالجنين قبل انفصاله عن أمه جزء منها، ينتقل بانتقالها، ويقر بقرارها، ومستقل بنفسه من جهة التفرد بالحياة، فهو أهل لأن يكون له حقوق من إرث ووصية ونسب، ولكنه ليس أهلًا لأن يكون عليه حقوق، فلو اشترى له الولي لم يجب عليه الثمن، فإذا ولد حيًا أصبحت له ذمة، وأصبح أهلًا لأن يكون عليه حقوق. ومن هنا ربط الفقهاء المسلمون بين أهلية الوجوب، وبين الذمة، فالذمة أساس لأهلية الوجوب، والأهلية أثر لوجود الذمة، وليست الذمة هي الأهلية، فإنه يصح أن يقال: ثبت في ذمة فلان كذا، ولا يقال: ثبت في أهليته كذا، ويقال: ذمته مشغولة بكذا، ولا يقال: أهليته مشغولة بكذا. وقد سبق لنا تعريف الذمة.