للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقول ابن رشد: «أحدها يختص بقصد المغابنة والمكايسة، وهي البيوع» دليل على أن البيع لا يقصد به الإرفاق والمعروف بخلاف الحوالة.

وأجاز المالكية الزيادة اليسيرة في مبادلة الدرهم والدنانير بمثلها إذا كان ذلك عن طريق العدد، فإذا عمل به على العدد جوز يسير الوزن زيادة على سبيل المعروف ما لم يكن في ذلك وجه من المكايسة والمغابنة، فيمنع منه (١).

فظهر بذلك أن المالكية لا يرون أن عقد الحوالة بيع حقيقة، وإن كانت الحوالة في الصورة مبادلة دين بدين.

وإذا تحرر هذا من مذهب المالكية فإن القول بأن عقد الحوالة من عقود الإرفاق هو أحد الوجهين في مذهب الشافعية، والمشهور من مذهب الحنابلة.

جاء في أسنى المطالب: «الحوالة ليست على حقيقة المعاوضات، وإنما هي معاوضة إرفاق جوزت للحاجة، فاعتبر فيها الإرفاق كما في القرض» (٢).

وجاء في الحاوي: «اختلف أصحابنا هل هي بيع، أو عقد إرفاق ومعونة؟ على وجهين: ..... والوجه الثاني: أنها عقد معونة وإرفاق؛ لأنها تخرج من البيوع بما يتعلق بها من الأحكام» (٣).

وقال ابن قدامة: «والصحيح أنها عقد إرفاق منفرد بنفسه، ليس بمحمول على غيره؛ لأنها لو كانت بيعًا لما جازت، لكونها بيع دين بدين، ولما جاز التفرق


(١) المنتقى للباجي (٤/ ٢٥٩).
(٢) أسنى المطالب (٢/ ٢٣١).
(٣) الحاوي الكبير (٦/ ٤٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>