نسلم أن الضرورة تبيح الحرام، ومنه الربا، ولكن ما حد الضرورة التي تبيح المحرم:
لقد تكلم الفقهاء في حد الضرورة التي تبيح المحرم وهو أن يبلغ الإنسان «حدًا إن لم يتناول الممنوع هلك أو قارب، كالمضطر للأكل واللبس، بحيث لو بقي جائعًا أو عريانًا لمات أو تلف منه عضو»(١).
ولو ترك المقترض بالربا قرضه لم يهلك ولم يقارب، فالتعامل بالربا من أجل بناء بيت، أو إنشاء مصنع ونحو ذلك بعيد كل البعد عن وقوعه في الضرورة التي تبيح المحرم.
ولا يعتبر إفلاس الشركة ضرورة؛ لأن إفلاس الشركة لا يلزم منه إفلاس الشركاء، وإذا أفلست شركة أمكن أن تقوم شركة أخرى مقامها.
كما أن من شرط الضرورة التي تبيح الحرام أن لا تندفع ضرورته إلا بارتكاب الحرام، أو ترك الواجب، وهذا الشرط لا يتحقق في هذه القروض؛ لأن وسائل الاستثمار المباحة لا تكاد تحصى كثرة، من ذلك الشراء بالتقسيط، أو عن طريق السلم، وإذا لم يجد الإنسان من يقرضه فربما يمكنه العمل بيده حتى يحصل ما يسد حاجته، أو يسافر إلى بلاد أخرى طلبًا للعمل.
فيشترط لجواز تناول المحرم في حال الضرورة أن يعلم يقينًا أن فعل المحرم يرفع الضرورة، ويحصل به المقصود، وربما لو أذن للشخص أنه كل ما احتاج أبيح له الاقتراض بالربا كثرت بذلك ديونه، وأصبح دخله كله يصرف على هؤلاء