الثالث: أن يسير الغرر لا تخلو منه أكثر معاملات المسلمين، ولا يمكن التحرز منه، والربا يمكن الابتعاد عنه.
الرابع: أن الغرر المحرم أخف من الربا، وذلك أن النصوص الواردة في الربا تدل على أن الربا تحريمه أشد، قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَاا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (٢٧٨) فَإِن لَّمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} [البقرة:٢٧٨،٢٧٩].
وقال تعالى:{يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَاا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ}[البقرة:٢٧٦].
وقال - صلى الله عليه وسلم - في الحديث المتفق عليه: اجتنبوا السبع الموبقات، فذكر منها الربا (١).
وإنك تعجب إلى هذا النفس في السعي إلى إباحة الربا في هذه العصور المتأخرة، حتى لو أدى الأمر إلى التناقض أحيانًا، فيستدلون بدليل في موضع، وينقضونه في موضع آخر فتجد الساعين إلى إباحة الربا تارة يبررون ذلك بالضرورة، فيبيحون للمحتاج الفقير إلى أخذ الربا لدفع حاجته كما هو الحال هنا، وتارة ينقضون ذلك، فيحرمونه على الضعيف لأن ذلك من باب استغلال حاجته، وأن هذا لا يجوز بخلاف القوي، كالدولة والشركات الكبيرة، فيجوز لهم الاقتراض بالفائدة، وقد تقدم نقل كلامهم في الكلام على ربا الاستهلاك، وربا الانتاج، وهذا عكس ذلك تماما، وهو من باب تناقض الباطل، {ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافًا كثيرًا}[النساء:٨٢].