مع وضوح تحريم ربا القروض مطلقًا، واتفاق علماء السلف عليها إلا أن هناك من خالف في هذه المسألة من المحدثين، وخلافهم فيها من قبيل الخلاف الشاذ، المخالف للإجماع، ويلتمس العذر لهم لكونهم متأولين، ولا يعتبر القول عندي خارقًا للإجماع لكون هذا القول في نفسه مخالفًا للإجماع كما سبق، والله أعلم.
وأستطيع أن أرجع الأقوال المخالفة لإجماع السلف إلى مذهبين:
الأول: يرى جواز اشتراط القرض بفائدة عند ابتداء العقد، (وهو ما يسمى بالفائدة البسيطة) ويحرم الفائدة المركبة، وهو أن يقول إذا حل الأجل: إما أن تقضي وإما أن تربي. ويحصر التحريم بهذا النوع من الربا، وبالتالي فإن ما تمارسه البنوك من إقراض بفائدة لا يكون محرمًا بناء على هذا القول، إلا إذا ضاعفوا الربا من أجل التأخير في السداد، وممن قال بذلك الشيخ محمد رشيد رضا، وعبد الرزاق السنهوري وغيرهما، وسيأتي توثيق هذا القول، ومناقشته عند الكلام على ربا الجاهلية.
الثاني: يرى تحريم القرض بفائدة للاستهلاك، ويجوزه للإنتاج، فكما قسم الفريق الأول الربا إلى نوعين: مضاعف وبسيط، وحرم الأول دون الثاني. قسم هذا الفريق الربا أيضًا إلى نوعين:
ربا استهلاكي: هو الزيادة التي تؤخذ على القروض المستعملة في شراء الحاجات الاستهلاكية.
وربا إنتاجي: هو الزيادة التي تؤخذ على القروض المستعملة في عمليات إنتاجية كإقامة مشروع تجاري أو صناعي، أو زراعي، وزعموا أن مقاصد