بالدرهم مثلًا بمثل، من زاد أو ازداد فقد أربى. فقلت له: إن ابن عباس يقول غير هذا، فقال: لقد لقيت ابن عباس فقلت: أرأيت هذا الذي تقول أشيء سمعته من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أو وجدته في كتاب الله عز وجل؟ فقال: لم أسمعه من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولم أجده في كتاب الله، ولكن حدثني أسامة بن زيد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: الربا في النسيئة.
وفي رواية لمسلم: قال ابن عباس كلا لا أقول، أما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأنتم أعلم به، وأما كتاب الله فلا أعلمه، ولكني حدثني أسامة بن زيد ... وذكر الحديث (١).
أيكون رأي ابن عباس هو ربا الجاهلية المنصوص عليه في القرآن، ثم يقول: إن قولي لم أجده في كتاب الله؟! وانظر فقه ابن عباس في جوابه، فحين تكلم عن السنة قال: أنتم أعلم برسول الله - صلى الله عليه وسلم - مني، لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - توفي، وهو لم يبلغ الحلم، وحين تكلم عن القرآن، قال: لا أعلمه يعني في كتاب الله، ولم يقل: أنتم أعلم مني؛ لأنه كان من أفقه الصحابة في كتاب الله.
والنتيجة: أن قول ابن عباس الذي قاله إذًا ليس هو ربا الجاهلية المنصوص عليه في كتاب الله، وإلا لقال: نعم موجود في كتاب الله، فسقطت دعوى أن ابن عباس لا يقول إلا بتحريم ربا الجاهلية المنصوص عليه في كتاب الله، ومعلوم أن ربا الفضل لم يرد في كتاب الله، وإنما ثبت في السنة، وهو الذي خالف فيه ابن عباس رضي الله عنه.
وسيأتي إن شاء الله تعالى الجواب عن مذهب ابن عباس في تحرير الخلاف في ربا الفضل، أسأل الله وحده عونه وتوفيقه.