للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال النووي: «قال العلماء: لم يرد حصر الرقية الجائزة فيهما، ومنعها فيما عداهما، وإنما المراد: لا رقية أحق وأولى من رقية العين والحمة لشدة الضرر فيهما» (١).

وقال ابن حجر: «وقيل: المعنى في قوله: (لا ربا ... ) الربا الأغلظ الشديد التحريم، المتوعد عليه بالعقاب الشديد، كما تقول العرب: لا عالم في البلد إلا زيد مع أن فيها علماء غيره، وإنما القصد نفي الأكمل، لا نفي الأصل» (٢).

وهذا القول اختاره ابن تيمية رحمه الله (٣)، ورجحه شيخنا ابن عثيمين رحمه الله (٤).


(١) شرح النووي على صحيح مسلم (١٤/ ١٦٨).
(٢) فتح الباري (٤/ ٣٨٢).
(٣) قال ابن تيمية: «ونظيره قوله - صلى الله عليه وسلم - (ما تعدون المفلس فيكم؟ قالوا: من لا درهم له، ولا متاع، قال: المفلس من يأتي يوم القيامة بحسنات أمثال الجبال، ويأتي وقد لطم هذا، وضرب هذا، وأخذ مال هذا، فيقتص هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضى ما عليه أخذ من سيئاتهم، ثم طرح، فألقي في النار) ونظيره قوله - صلى الله عليه وسلم -: (ما تعدون الرقوب فيكم؟ قالوا: من لا يولد له؟ قال: الرقوب: من لم يقدم من ولده شيئًا). ومنه عندي: قوله - صلى الله عليه وسلم -: (الربا في النسيئة) وفي لفظ: (إنما الربا في النسيئة) هو إثبات لأن هذا النوع هو أحق باسم الربا من ربا الفضل، وليس فيه نفي اسم الربا عن ربا الفضل، فتأمله».
(٤) يقول شيخنا رحمه الله موقفنا من الحديث الذي استدل به ا بن عباس - يعني لا ربا إلا في النسيئة - موقفنا أن نحمله على وجه يمكن أن يتفق مع الحديث الآخر الدال على أن الربا يكون أيضًا في الفضل، بأن نقول: إنما الربا الشديد الذي يعمد إليه أهل الجاهلية، والذي ورد فيه قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا الربا أضعافًا مضاعفة} [آل عمران:١٣٠] إنما هو ربا النسيئة، أما ربا الفضل فإنه ليس الربا الشديد العظيم، ولهذا ذهب ابن القيم في كتابه (إعلام الموقعين) إلى أن تحريم ربا الفضل من باب تحريم الوسائل، وليس من باب تحريم المقاصد» اهـ نقلًا من محاضرة بعنوان: الخلاف بين العلماء.

<<  <  ج: ص:  >  >>