للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويعقوب، ومحمد، على أنه لا يجوز بيع ذهب بذهب، ولا فضة بفضة، ولا بر ببر، ولا شعير بشعير، ولا تمر بتمر، ولا ملح بملح متفاضلًا يدًا بيد، ولا نسيئة، وأن من فعل ذلك فقد أربى، والبيع مفسوخ» (١).

وقال ابن قدامة: «والربا على ضربين: ربا الفضل وربا النسيئة، وأجمع العلماء على تحريمهما، وقد كان في ربا الفضل اختلاف بين الصحابة ... » (٢).

واعلم أن ربا النسيئة يختلف حكمه عن ربا الفضل من حيث:

الأول: أن ربا النسيئة مجمع على تحريمه، لا خلاف فيه بين الفقهاء، وأما ربا الفضل فقد علمت ما فيه من الخلاف.

الثاني: ذكر ابن القيم: أن ربا الفضل قد أستثني منه العرايا بشروطها، بينما ربا النسيئة: لم يبح شيء منه (٣).

قلت: ينبغي أن يعلم أن إباحة العرايا لا تعني إباحة يقين التفاضل، فإنه هذا لا يجوز حتى في العرايا، وإنما قبل الشارع معيار الخرص من أهل الخبرة للعلم بالتماثل في بيع الرطب بالتمر. والخرص طريق شرعي في معرفة الواجب في كثير من الأحكام كمعرفة مقدار الواجب في الزكاة، والقسمة.

ولهذا لا أرى أن يؤخذ من إباحة العرايا دليل على إباحة ربا الفضل بإطلاق، فإن جواز العرية قد لا يعني الوقوع في يقين التفاضل، وإنما فيه تسامح في قبول الخرص كمعيار للتماثل الواجب، بينما لو أخذنا بظاهر كلام ابن القيم لقلنا: إنه يجوز التفاضل مطلقًا في العرايا، وهذا لا يقول به ابن القيم.


(١) الإشراف على مذاهب العلماء (٦/ ٥٦).
(٢) المغني (٤/ ٢٥).
(٣) إعلام الموقعين (٢/ ١٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>