وقال ابن عبد البر في الكافي (ص: ٣٠٨): «ولا يجوز حلي ذهب بوزنه ذهبًا، على أن يعطيه أجرة صياغته ... ». وانظر مواهب الجليل (٤/ ٣١٧). ومن نسب القول إلى مالك في مسألة الحلي التبس عليه ذلك بسبب قوله في مسألتين: الأولى: كون الإمام مالك أوجب على من أتلف ذهبًا مصوغًا بأن يرد مثل الذهب وقيمة الصياغة. فقاس مسألة المعاوضات على قوله في الإتلاف، وقوله ليس واحدًا فيهما. فحالة الإتلاف غير حالة البيع. انظر قول مالك في الإتلاف: المدونة (٥/ ٣٦٤)، الذخيرة (٨/ ٣٢١). الثانية: في الرجل يريد السفر، ومعه تبر، فيأتي لأهل دار الضرب ليضربوا له ذهبه سكة، فيشق عليه الانتظار، ويخشى من فوات الرفقة، فيأخذ منهم زنته مضروبًا جاهزًا، ويدفع لهم أجرة الضرب. فعن مالك في هذه المسألة قولان: الأولى، أجازه مالك للمسافر لحاجته إلى الرحيل، وظاهره وإن لم تشتد. وبه أخذ ابن القاسم. الثانية: المنع ولو اشتدت الحاجة ما لم يخف على نفسه الهلاك، ورجحه ابن وهب، وابن رشد، وعيسى بن دينار، وخليل في مختصره. قال في الشرح الكبير (٣/ ٣٤): والمعتمد الأول. وانظر الخرشي (٥/ ٤٣)، الفواكه الدواني (٢/ ٧٤)، التمهيد (٢/ ٢٤٧). قال أبو الوليد الجد في كتابه التحصيل (٦/ ٤٤٣): «نقل عن مالك رحمه الله أنه كان يعمل به في زمن بني أمية، لأنها كانت سكة واحدة، والتجار كثير، والناس مجتازون، والأسواق متقاربة، فلو جلس كل واحد حتى يضرب ذهب صاحبه فاتت الأسواق، فلا أرى بذلك بأسًا، فأما اليوم فإن الذهب يغش، وقد صار لكل مكان سكة تضرب، فلا أرى ذلك يصلح، وإلى هذا ذهب ابن المواز من رأيه أن ذلك لا يجوز اليوم؛ لأن الضرورة ارتفعت، وقال سحنون: لا خير فيه، وإليه ذهب ابن حبيب، وحكي أنه سأل عن ذلك من لقي من المدنيين فلم يرخصوا فيه على حال». =