للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الوسائل؛ لأن إباحة بيع الرطب بالتمر إنما خص ذلك بالرطب لكونه قوت الناس وطعامهم، والشارع لم يأذن بالفاضل المتيقن في العرايا، وإنما سوغ الشارع المساواة بالخرص من أهل الخبرة بالخرص في مقدار قليل تدعو إليه الحاجة، وهو قدر النصاب خمسة أوسق فما دون، والخرص معيار شرعي للتقدير في أمور كثيرة منها الزكاة، والمالكية يجيزون العمل بالتحري في بيع كثير من الأموال الربوية بعضها ببعض حتى ولو لم تكن من العرايا.

قال الباجي: «وبدل الدنانير بالدنانير، والدراهم بالدراهم على وجهين:

أحدهما وزنًا، والثاني: عددًا. فأما الوزن فلا يجوز فيه إلا التساوي، ولا يجوز فيه زيادة على وجه معروف، ولا بمسامحة ..... وأما المبادلة بالعدد فإنه يجوز ذلك وإن كان بعضها أوزن من بعض في الدينار والدينارين على سبيل المعروف والتفضل، وليس ذلك من التفاضل؛ لأنهما لم يبنيا على الوزن، ولهذا النوع من المال تقديران: الوزن والعدد، فإن كان الوزن أخص به، أولى فيه إلا أن العدد معروف، فإذا عمل به على العدد جوز يسير الوزن زيادة على سبيل المعروف ما لم يكن في ذلك وجه من المكايسة والمغابنة، فيمنع منه. وهذا عندنا مبني على مسألة العرية، وذلك أن العرية لما كان للثمرة تقديران: أحدهما: الكيل، والآخر الخرص، والتحري، جاز العدول عن أولهما إلى الثاني للضرورة على وجه المعروف، فكذلك الدنانير والدراهم» (١).

والاستثناء من المحرم لا يعني أبدًا أن تحريمه ليس تحريم مقاصد، فالشرك أعظم المحرمات، ومع ذلك يباح إذا خاف الإنسان على نفسه.


(١) المنتقى للباجي (٤/ ٢٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>