للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البيع، ولكن تصريح عائشة بأن مثل هذا الفعل موجب لبطلان الجهاد مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدل على أنها قد علمت تحريم ذلك بنص من الشارع، إما على جهة العموم كالأحاديث القاضية بتحريم الربا الشامل لمثل هذه الصورة، أو على جهة الخصوص .... ولا ينبغي أن يظن بها أنها قالت هذه المقالة من دون أن تعلم بدليل يدل على التحريم؛ لأن مخالفة الصحابي لرأي صحابي آخر لا يكون من الموجبات للإحباط» (١).

وكون العمل يبطل الجهاد لا يمكن إدراكه بالاجتهاد (٢).

ولا يمكن أيضًا أن يقال: إن زيدًا خالف عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها؛ لأن زيدًا لم يقل: هذا حلال، بل فعله، وفعل المجتهد لا يدل على قوله على الصحيح لاحتمال سهو، أو غفلة، أو تأويل، أو رجوع ونحوه، وكثيرًا ما يفعل الرجل الشيء، ولا يعلم مفسدته فإذا نبه له انتبه، ولم ينقل عن زيد أنه أصر على ذلك (٣).

وأما الجواب عن كون الإحباط لا يكون إلا بالشرك، فـ «جوابه: أن الإحباط إحباطان، إحباط إسقاط: وهو إحباط الكفر للأعمال الصالحة فلا يفيد شيء منها معه.

وإحباط موازنة: وهو وزن العمل الصالح بالسيئ، فإن رجح السيئ فأمه هاوية، والصالح فهو في عيشة راضية كلاهما معتبر غير أنه يعتبر أحدهما بالآخر ومع الكفر لا عبرة البتة فالإحباط في الأثر إحباط موازنة بقي كيف يحبط هذا الفعل جملة ثواب الجهاد قلت له معنيان:


(١) نيل الأوطار (٥/ ٣١٧).
(٢) انظر الفتاوى الكبرى (٦/ ٤٨).
(٣) انظر تهذيب السنن (٥/ ١٠٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>