وفي المدونة (٣/ ١١٨) وكيع، عن سفيان، عن هشام، عن ابن سيرين، عن ابن عباس: قال: إياك أن تبيع دراهم بدراهم بينهما حريرة. فإن كان قوله: (وكيع) تعليقًا لم يكن الإسناد صحيحًا، وإن كانت الصيغة هذه في المدونة ليست من صيغ التعليق، وإنما حذفت صيغة التحديث اختصارًا، فالإسناد صحيح. وصحح إسناده ابن التركماني في الجوهر النقي (٥/ ٣٣١).
وروى عبد الرزاق في المصنف (١٤٨٢٣) أخبرنا ابن التيمي، عن أبيه، قال: حدثنا حيان ابن عمير، قال: سمعت ابن عباس يقول: إذا بعتم السرق من سرق الحرير بنسيئة فلا تشتروه. وهذا إسناد صحيح. كأنه سمع أن بعضهم فعل في السرق هكذا، وإلا فهو منهي عنه في كل شيء. انظر الفائق (٢/ ١٧٥). وسرق الحرير جمع، قال أبو عبيد: الواحدة منها سرقة، وأحسب أن أصل هذه الكلمة فارسية، إنما هو سره. يعني الجيد، فعرب فقيل: سرق، فجعلت القاف مكان الهاء. ومثله في كلامهم كثير .... والاستبرق مثله، إنما هو استبره، يعني الغليظ من الديباج. غريب الحديث لابن سلام (٤/ ٢٤٢). وروى عبد الرزاق في المصنف (١٥٠٢٨)، قال: أخبرنا ابن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن عطاء، عن ابن عباس قال إذا استقمت بنقد وبعت بنقد فلا بأس به، وإذا استقمت بنقد فبعت بنسيئة فلا، إنما ذلك ورق بورق. قال ابن عيينة: فحدثت به ابن شبرمة، فقال: ما أرى به بأسًا. قال عمرو: إنما يقول ابن عباس: لا يستقيم بنقد ثم يبيع لنفسه بدين. وسنده صحيح. قال ابن القيم في تهذيب السنن (٥/ ١٠٧): «ومعنى كلامه: أنك إذا قومت السلعة بنقد، ثم بعتها بنسيئة كان مقصود المشتري شراء دراهم معجلة بدراهم مؤجلة، وإذا قومتها بنقد ثم بعتها به فلا بأس، فإن ذلك بيع المقصود منه السلعة لا الربا». وقال ابن القيم في التهذيب أيضًا (٥/ ١٠١): «في كتاب محمد بن عبد الله الحافظ المعروف بمطين، عن ابن عباس أنه قال: اتقوا هذه العينة، لا تبيعوا دراهم بدراهم بينهما حريرة». ولم يوقفنا ابن القيم على إسناده، لينظر فيه. وقال ابن القيم أيضًا في الكتاب نفسه، وفي إغاثة اللهفان (١/ ٣٤٠): في كتاب أبي محمد النخشبي الحافظ، عن ابن عباس، أنه سئل عن العينة، يعني: بيع الحريرة، فقال: إن الله لا يخدع، هذا مما حرم الله ورسوله. وفي كتاب الحافظ مطين، عن أنس، أنه سئل عن العينة؟ يعني بيع الحريرة، فقال: إن الله ... لا يخدع. هذا مما حرم الله ورسوله. ولم أقف على إسناده. قال ابن القيم: وقول الصحابي حرم رسول الله كذا، أو أمر بكذا وقضي بكذا، وأوجب كذا في حكم المرفوع اتفاقًا عند أهل العلم إلا خلافًا شاذًا لا يعتد به، ولا يؤبه له». ولم أقف إلا على إسناد ابن عباس في مصنف ابن أبي شيبة وفي المدونة، وقد علمت ما ذكرته عنه.