للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي هذا يقول ابن القيم: «إذا حرم الرب تعالى شيئًا، وله طرق ووسائل تفضي إليه، فإنه يحرمها ويمنع منها تحقيقًا لتحريمه، وتثبيتًا له، ومنعًا أن يقرب حماه، ولو أباح الوسائل والذرائع المفضية إليه لكان ذلك نقضًا للتحريم، وإغراء للنفوس به، وحكمته تعالى وعمله يأبى ذلك كل الإباء، بل سياسة ملوك الدنيا تأبى ذلك، فإن أحدهم إذا منع جنده أو رعيته، أو أهل بيته من شيء ثم أباح لهم الطرق والأسباب والذرائع الموصلة إليه لعد متناقضًا، ولحصل من رعيته وجنده ضد مقصوده، وكذلك الأطباء إذا أرادوا حسم الداء منعوا صاحبه من الطرق والذارئع الموصولة إليه وإلا فسد عليهم ما يرمون إصلاحه، فما الظن بهذه الشريعة الكاملة التي هي في أعلى درجات الحكمة والمصلحة والكمال» (١).

ويقول ابن تيمية: «يا سبحان الله العظيم، أيعود الربا الذي قد عظم الله شأنه في القرآن، وأوجب محاربة مستحله ولعن أهل الكتاب بأخذه ولعن آكله وموكله وشاهديه وكاتبه وجاء فيه من الوعيد ما لم يجئ في غيره إلى أن يستحل جميعه بأدنى سعي من غير كلفة أصلًا إلا بصورة عقد هي عبث ولعب يضحك منها، ويستهزئ بها؟ أم يستحسن مؤمن أن ينسب نبيًا من الأنبياء فضلًا عن سيد المرسلين. بل أن ينسب رب العالمين إلى أن يحرم هذه المحارم العظيمة ثم يبيحها بضرب من العبث والهزل الذي لم يقصد ولم يكن له حقيقة وليس فيه مقصود المتعاقدين قط» (٢).

والمتعامل بالعينة قد توصل إلى أخذ دراهم بدارهم إلى أجل مع التفاضل، والسلعة كانت واسطة للتوصل إلى المعاملة المحرمة، والوسيلة إلى الحرام حرام.


(١) إعلام الموقعين (٣/ ١٣٥).
(٢) الفتاوى الكبرى (٦/ ١٣٦)، وانظر إعلام الموقعين (٣/ ٢٢٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>