بحسب قوتها الشرائية، أو يحتفظ بها كما هي، وهي أيضًا نقود نهائية أي لا تتحول إلى ذهب، فلا يجوز لحاملها تقديمها إلى المصرف المركزي لتحويلها إلى ذهب أو فضة، وإنما ذلك هو مجرد أثر تاريخي فحسب، والشكل الأساسي لهذه النقود يتمثل في أوراق البنكنوت التي تصدرها البنوك المركزية، ولها وحدة قياس خاصة بكل قطر، وتخضع لرقابة المصرف المركزي والحكومة، وتحدد كميتها طبقًا للسياسة النقدية المتبعة، واتفاقًا مع حاجة المعاملات والمبادلات، وهذا يعني القدرة على تغير كميتها حسب ظروف الزمان والمكان (١).
وبهذا نكون قد عرفنا أن النظام النقدي في العالم لم يكن قائمًا على طور واحد في حقيقتها، ومكانتها النظامية، وإنما مرت عليها أدوار وأطوار شتى، تنقلت فيها من كونها سندات للديون في مبدأ أمرها إلى أن تحولت إلى أثمان عرفية وبهذا نعرف أن الخلاف الفقهي في تكييفها لا يرجع إلى خلاف حقيقي، وإنما يرجع إلى الحكم عليها من خلال مراحل نموها وتطورها، فالذي يقول مجرد وثيقة بدين فذلك يرجع إلى بداية نشأتها، ومثله الذي يقول: إنها قائمة مقام الذهب والفضة باعتبار أنها كانت في مرحلة من تاريخها مغطاة بالذهب والفضة، وأما الذي يرى أنها أثمان عرفية قائمة بذاتها، حكم عليها بالنسبة لمآلها التي آلت إليه. وبعد هذا الموجز التاريخي للأوراق النقدية نريد أن نعرف حكم جريان الربا فيها بناء على فهم حقيقتها، وهذا ما سوف نتعرض له إن شاء الله تعالى في المبحث التالي، أسأل الله وحده عونه وتوفيقه.
* * *
(١) انظر بحوث في قضايا فقهية معاصرة - الشيخ محمد تقي العثماني (ص: ١٤٨ - ١٥٤)، النقود الائتمانية - إبراهيم بن صالح العمر (ص: ٣٨ - ٤٠)، مجلة البحوث الإسلامية، بحث بعنوان: حكم الأوراق النقدية - للجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، العدد الأول (ص: ١٩٧ - ٢٢٢).