للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحكم الفلوس ثابت عند المالكية بقياسها على الذهب والفضة، فيمكن قياس الورق النقدي على الأصل المقيس عليه، وهو الذهب والفضة (١).

هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن هناك فرقًا كبيرًا بين الأوراق النقدية والفلوس يجعل من القياس قياسًا مع الفارق، من ذلك:

أن الأوراق النقدية تتمتع بقوة إبراء غير محدودة، فهي موغلة في الثمنية إيغالًا شديدًا، حتى تغلب الورق النقدي على الذهب والفضة حيث لم يعد الناس يتعاملون بالذهب والفضة كأثمان، واستبدلوهما بهذه الأوراق بخلاف الفلوس، فإنها لا تتمتع إلا بقوة إبراء محدودة، ولذلك من صار أكثر ماله من الفلوس عد مفلسًا، ولا يتعامل بالفلوس إلا في المحقرات دون الأشياء الثمينة.

يقول المقريزي: إن الفلوس لم يجعلها الله سبحانه نقدًا في قديم الدهر وحديثه حتى راجت في أيام الناصر فرج بن برقوق ٨٠٨ هـ وكان قبيح السيرة وقد حدث من رواج الفلوس خراب الإقليم وذهاب نعمة أهل مصر، فإن الفضة هي النقد الشرعي، أما الفلوس فهي أشبه شيء بلا شيء فيصير المضاف مضافًا إليه. إلى أن يقول: ولا يعلم في خبر صحيح ولا سقيم عن أمة من الأمم اتخذوا نقدًا غير الذهب والفضة، أما السفاسف والمحقرات والتوافه فقد احتاج الناس لشرائها بأقل من الدرهم وأجزائه، فكانت الفلوس وسيلة هذه المبادلات ولكنها لم تكن نقدًا البتة ولم يوجد منها إلا اليسير، ولم تقم في إقليم ما بمنزلة النقدين (٢).


(١) أوراق النقود ونصاب الورق النقدي، للشيخ محمد بن علي الحريري، بحث منشور في مجلة البحوث الإسلامية، العدد ٣٩ (ص: ٣٢٠).
(٢) النقود العربية للكرمللي (ص: ٦٧) نقلًا من بحث منشور في مجلة البحوث الإسلامية، العدد ٣٩، باسم (أوراق النقود ونصاب الورق النقدي)، للشيخ محمد بن علي بن حسين الحريري (ص: ٢٣٩ - ٣٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>