حكم قبض ما حلت محله من الذهب أو الفضة، هذا، وليس بلازم أن يكون في خزينة الدولة ذهب أو فضة بالفعل، ما دامت خاماتها وسائر إمكانياتها التي تقدر بوحدتها السابقة من الذهب أو الفضة قائمة محققة تقوم مقامها في استمرار الثقة بالأوراق النقدية في دولة الإصدار وغيرها من الدول، وليس بلازم أيضًا أن تسلم مؤسسة النقد ذهبًا أو فضة لحامل الورقة النقدية مقابل ما فيها ما دامت الأوراق النقدية تؤدي وظيفتها وتقوم بما أنشئت من أجله، فإن لولي الأمر أن يتصرف في غطاء الأوراق النقدية، أيًّا كان الغطاء فيما يعود على أمته بالمصلحة من وجوه تنمية الثروة، والترفيه عن الرعية حتى لا تبقى معطلة في خزينة الدولة أو معرضة للتبديد والتهريب في أيدي الأفراد.
وبهذا يعرف أن عدم وجود الغطاء في خزينة الدولة بالفعل وعدم رد المقابل لحاملها لا يعتبر إلغاء للغطاء، ولا إبطالًا له، مادام الغطاء الذي هو روح العملة، وسر الثقة بها موجودًا قائمًا ممثلًا فيما يثبت ملاءة الدولة وقوة إمكانياتها، ويكسب الثقة بها في الداخل والخارج من كل ما يقدر بوحدتها التي كانت الدولة تتعامل بها قبل إصدار الأوراق النقدية. وإن وجود وحدة متفق عليها كالذهب مثلًا تقاس بها موجودات وإمكانيات الدول ليعرف بها مدى ملاءة كل دولة بالنسبة للأخرى، لا ينافي وجود غطاء لأوراق الدولة النقدية وإن تنوع، كما أنه لا ينافي وجود وحدة خاصة بكل دولة تتصل بعملتها المعدنية السابقة .... » (١).
(١) ألحق الشيخ عبد الرزاق عفيفي رأيه هذا بعنوان: وجهة نظر، أرفق مع قرار هيئة كبار العلماء في السعودية، القرار رقم (١٠). ونشر في مجلة البحوث الإسلامية، العدد الحادي والثلاثون.